انتشرت مؤخرا صورة للوحة داخل أحد المتاجر ـ قيل إنه في الأردن ـ تعلن فيها إدارته عن إمكانية استعارة المدافئ الكهربائية خلال العاصفة الثلجية التي تجتاح المنطقة حاليا، مع إمكان إعادتها دون مقابل بعد زوال العاصفة.

قيل إن ذلك الإعلان لغرض الدعاية، وهناك من استبعد قيام معرض بإعارة زبائنه والتفريط في بضاعته، والواقع أن كل تلك الفرضيات تزول متى ما استشعر التاجر واجبه تجاه مجتمعه.

وددت لو قمت بتعليق صورة ذلك الإعلان على مداخل بنوكنا وشركاتنا ومصانعنا المحترمة، عسى أن تخجل وتستشعر تقصيرها تجاه مجتمعها، رغم امتصاصها خيرات الوطن وجيوب مواطنيه، محققة هوامش ربحية ضخمة لا تتحقق لمثيلاتها في البلدان الأخرى.

يحظى القطاع الخاص بتسهيلات حكومية من إعفاءات وقروض وامتيازات، أسهمت في رفع معدلات النمو وزادت من صافي مدخولات الشركات. لكن على الرغم من كل هذا الدلال الزائد إلا أن قلة منها فقط استشعرت المسؤولية، وبادرت بالإسهام في إنشاء مشاريع إنسانية أو رعاية أنشطة اجتماعية.

الانزعاج لا يتوقف عند هذا فحسب، بل يتجاوزه إلى ما هو أسوأ، وذلك عندما "تتميلح" شركاتنا الوطنية العملاقة وتعلن عبر أذرعتها وفروعها في الخارج عن خدمات اجتماعية تقدمها هناك!

لا بد من إلزام القطاع الخاص بخدمة مجتمعه، تماما كما تفرض عليه نسب السعودة وسداد الرسوم، على أن يكون وفق نسبة معينة من أرباحها. أو في أسوأ الأحوال توضع في الحسبان الخدمات الإنسانية التي تقدمها الشركات كنقاط تفضيل عند المنافسة على المشاريع الحكومية.

ما هامش خسارة مصرف أو شركة أو مصنع ما، عندما يقتطع جزءا يسيرا من أرباحه الضخمة لتقديم سيارات أو بضعة كراسي للمعاقين، أو يسهم في إنشاء دور للرعاية، أو نحو ذلك. أنا على يقين أن ما يخسره هو بمثابة إعلان مدفوع سيعوضه لاحقا، وفي نفس الوقت سيزيح عن الدولة عبئا كان ملقى عليها.

ودي أقول لهم: استحوا على وجيهكم وفكّوا "الصرّة"، لكن أخشى أن يجتمع العناد لما قلته مع الشح!