تنشئة الإنسان وتربيته تنعكس على سلوكياته أمام الناس. هذه نظرية يؤكدها الواقع.
ولأن التنشئة متفاوتة، تعمد بعض مؤسسات الخدمة إلى تقديم النصائح لعملائها: إما للتذكير، أو التنبيه، أو محاولة "محو أميتهم"!.
طالعت عشر نصائح قدمها موقع "بوابة المسافر" للمسافرين على متن الطائرات، وعلى الرغم من أهميتها، إلا أن بحوزتي ضعف هذه الأشياء، يرصدها من يسافر بواسطة ناقلنا الرسمي على وجه التحديد، إذ لا يجرؤ على فعلها لو استقل خطوطا أجنبية!
دعونا أولا نسرد أبرز الأشياء العشرة: لا تسئ استغلال المقعد. لا تسئ استغلال المقصورة العلوية. لا تتحدث بصوت عال. لا تذهب إلى دورة المياه في وقت تقديم الطعام. لا تصر على الحديث عندما يكون الشخص الآخر غير مهتم. لا تلق بالفكاهة إلى الآخرين. لا تغزُ فضاء الشخص الآخر. لا تسئ معاملة المضيفات. لا تقف في الممر!
وكل هذه العشرة تهون عند سلوك آخر مزعج ـ ربما شاهدته أنت أيضا ـ ويتمثل في السلام داخل الطائرة. يمر المسافر فيلمح فلان الفلاني. تتوقف لحظتها الحركة داخل ممر الطائرة. و"حلفت ما تقوم"، و"عز الله مقامك" و"حب خشوم" و"كيف الحال، شلونك، شخبارك، كيف صحتك". مارثون سلام ممل لا ينتهي، ولا ينقصه سوى طبيب يخضعه للفحص وسط الطائرة، ويؤكد أن صحته بخير، ويرفقها بتقرير طبي، ليتوقف عن تكرار "كيف الحال" وبقية الأسئلة المثلجة. ويفتح الطريق للركاب خلفه!
والأسوأ من ذلك أن يكون لديك اجتماع أو مناسبة، فتريد استغلال زمن الرحلة للنوم. فيجلس جوارك شخص كثير الحركة والكلام. الرحلة بالنسبة له متعة كبيرة، فيريد استغلال كل لحظة في الطائرة. ويلتفت يمينا وشمالا ويرسل سلاماته من بعيد، مرة بصوته، مرة بيده، ومرة بحواجبه و"كلمة ولو جبر خاطر ولا سلام من بعيد"!
الخلاصة: يبدو فعلا أن الإنسان الذي لم يتعود على النظام واحترام حقوق الآخرين حينما كان طفلا صغيرا. من الصعوبة عليه أن يتعلمها عند الكبر.