رغم إعلان الرئيس السوداني عمر البشير، أنه يتوجب على زعيم حزب الأمة المعارض الصادق المهدي "التوبة" عن توقيع إعلان باريس قبل السماح له بالعودة إلى السودان، رضخت الحكومة السودانية لضغوط أحزاب المعارضة التي انتقدت موقف الحكومة من الرموز السياسية، وتهديدها بالانسحاب من الحوار الوطني إذا لم تغير حكومة البشير من طريقة تعاطيها مع الرموز الوطنية، إذ دعت الخرطوم المعارض البارز إلى العودة، وتعهدت بعدم ملاحقته أمنيا أو مساءلته.

كما ناشدته العودة للعب دوره السياسي المعهود في حل القضايا الوطنية، خاصة وأنه ظل يدعو لإعلاء قيمة الحوار وسيلة أساسية للوصول إلى التداول السلمي للسلطة.

وكشف الأمين السياسي لحزب المؤتمر الوطني الحاكم، حامد ممتاز، عقب لقائه مساعد الرئيس عبدالرحمن الصادق المهدي، أمس، عن جهود مكثفة يقودها الحزب لإقناع القوى السياسية الممانعة للحوار للدخول مباشرة فيه، بجانب عزمهم تقريب وجهات النظر مع حزب الأمة بهدف الخروج برؤية محددة لحل قضايا البلاد.

وأكد استعداد حزبه للتواصل مع كل الأطراف لدفع عملية الحوار الوطني للأمام، إذ إنه السبيل الأمثل للتعامل مع التحديات التي تواجه البلاد، كاشفا عن اتجاه الحزب لوضع خطة مبنية على رؤية سياسية جديدة للتعامل مع الأحزاب كافة، خاصة القوى السياسية المتحفظة على عملية الحوار الوطني.وقال القيادي في حزب الأمة إسماعيل الهادي، في تصريحات

إلى "الوطن"، "حكومة البشير عودتنا دائما على التراجع عن مواقفها، لأنها في الأصل مواقف لا تنبع من رؤية صحيحة وطابعها الارتجال وعدم التفكير العميق، والمهدي شخصية قومية وعالمية لا يخشى من الاعتقال، وقد قضى أكثر من نصف عمره في سجون الديكتاتوريات المختلفة التي مرت على السودان، وهو أكبر من أن يسمح له بالعودة إلى بلاده أو يمنع منها، لكن وجوده حاليا في الخارج استلزمته مصلحة المعارضة، حيث استطاع توظيف علاقاته الواسعة المتشعبة لما فيه مصلحة الوطن".

يذكر أن المهدي الموجود منذ أسابيع خارج البلاد، وقّع في أغسطس الماضي مع الجبهة الثورية المتمردة على اتفاق إعلان باريس، رفضت الخرطوم الاعتراف به، وطالبت المهدي بالتبرؤ منه. وتناقلت تقارير صحفية الأسبوع الماضي أنباء عن شروع الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي حسن الترابي في اتصالات لإقناع المهدي بالعودة إلى السودان والانضمام، مجددا إلى مشروع الحوار الوطني.

في سياق منفصل، تسابق الحكومة السودانية الوقت لإقناع المجتمع الدولي بجديتها في محاربة كل أشكال الاعتداء على حقوق الإنسان في البلد، إذ شرعت في التحقيق القضائي حول الادعاءات بحدوث حالات اغتصاب جماعي في بلدة تابت بإقليم دارفور بواسطة بعض جنود الجيش السوداني.ومع أن الخرطوم رفضت السماح لبعثة الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي بإعادة التحقيق في مزاعم الاغتصاب، إلا أنها أرسلت أمس بعثة قانونية للتحقيق في المزاعم، والتقت بالكثير من نساء وفتيات القرية وحققت معهم فيما تردد عن وقوقع الاعتداءات.

وتؤكد المعارضة السودانية عدم جدية هذا التحقيق، مشيرة إلى أن الهدف منه هو امتصاص الغضب العالمي على تلك الجريمة النكراء، مؤكدة أن مصير أعمال اللجنة سينتهي حبيس أدراجها، مثلما حدث في حالات مماثلة.