حينما يأتي الحديث عن الإرهاب والتغرير بالشباب في مجالس النساء، فبوسعنا رصد الكثير من الانفعالات العاطفية تجاه الأحداث والصور المتداولة، لكنها لا تتعدى الأسى والحزن والخوف والرجاء من الوقوع في مثل هذه المآزق التي وقعت فيها بعض الأمهات والزوجات اللاتي فقدن ذويهن في الانتماء للتنظيمات الإرهابية، وهذا يفتح المجال للحديث عن وعي المرأة وأهميته في تربية الأجيال وتنشئتهم على زراعة البذور الصالحة وإخراجهم للمجتمع ولأنفسهم كنبات حسن.

لا ننتقص من عاطفة الأمهات، فهي العاطفة التي تعطي الحب ولا تشترط المقابل، ولكنني أعتقد أنها لا توجد أم تنتظر من أبنائها رد الجميل بالعقوق الذي يفعله هؤلاء الشباب بأمهاتهم، وهذا يجعلنا نتساءل: هل هؤلاء النسوة أميات؟ وهو السؤال عن وجود فجوة في التعامل بينهن وبين أبنائهن جعلت من العاطفة التي تبذلها الأمهات برغم أهميتها لا تكفي للتنشئة حين تطغى على أساليب التربية الصحيحة، لنتساءل أيضا عن الوعي الذي يعتبر ركيزة أساسية في التربية، بمعنى: ما الذي أعددناه في وعي الأمهات؟!

العملية التي يقوم عليها إغواء الشباب تتمثل في تحفيز غريزي صرف يتم تسييله في عقول المراهقين بمفهوم ديني وهو ما سهل توثيقه، وأعني التغرير بالمال والحور العين، فغفلت الكثير من الأمهات -في ظل غياب التثقيف والوعي السياسي لديهن- عن تهيئة الأبناء وتربيتهم بما يتناقض مع هذا المفهوم ويحميهم من مخاطر التنظيمات الإرهابية، فتغذية الوعي السياسي تعني الاعتراف بدوره وتأثيره الإيجابي على وعي الأفراد والمجتمع، وهذا يبدأ من محيط الأسرة، وهو أحد السبل الناجحة للحد من حدوث هذه الظاهرة.

البرامج التوعوية والإعلامية لم تخصص للمرأة خطابا خاصا بهذا الشأن، وخصوصا الأمهات، وينبغي التوجه إلى هذه العملية التثقيفية لما لدى الأمهات من دور فاعل في فصل التأثير المستخدم من قبل المروجين ودعاة الإسلام السياسي الذي جاء تأثيره بالخلط بين مقاصد سياسية غُلفت بالدين، وكان تأثيره سهلا نتيجة لعقود من الجمود الفكري، فيمكن استغلال دور الأم وعاطفتها في مراقبة تفكير أبنائها سياسيا، وإرشادها إلى كيفية التصرف والملاحظة وتدارك الأمر قبل وقوع الكارثة.