في خضم المخاوف التي تعتري الشارع اللبناني من تمدد تنظيم الدولة "داعش" إلى الداخل اللبناني، وتحديدا في مناطق الأطراف التي تعاني في الأصل من الإهمال، لا سيما بعد اعتقال الجيش الأسبوع الماضي أربعة من قادة التنظيم المتطرف، أثناء توجههم إلى مناطق الشمال، استقبل اللبنانيون بارتياح كبير ظهور تنظيم مثل جماعة "الكفن الأبيض"، بسبب استهدافهم لعناصر المتشددين، حيث قتلوا أكثر من 100 عنصر داعشي في سورية. وذلك في إطار حرب عصابات بدأت تنشب كردة فعل على جرائم داعش الوحشية بحق الشعب السوري.

وكان رئيس جماعة الكفن الأبيض قد سبق وأن أعلن أن مهمتهم الرئيسية هي بث الذعر في نفوس عناصر داعش في محافظة دير الزور. ويأتي هذا الأمر في الوقت الذي بدأت فيه الولايات المتحدة الأميركية تدريب وتسليح الجيش السوري الحر، كجزء من استراتيجيتها لمواجهة المتطرفين. لكن هل تستطيع جماعة ناشئة مثل الكفن الأبيض التي بلغ عدد أعضائها حتى الآن 300 فرد، والجيش السوري الحر الذي يحاول استجماع عناصره المتفرقة، وضربات التحالف الدولي القضاء على تنظيم داعش؟

يرى الكاتب الصحفي المتخصص في الجماعات الإسلامية فداء عيتاني أن جماعة الكفن الأبيض "غير جهادية، حيث تدل تصرفاتهم وردة فعلهم أنهم من المحليين السوريين. وهذا كله يصب بطبيعة الحال ضمن خانة التنافس بين الجماعات الأصولية والتكفيرية في سورية والعراق، والدليل الأكبر على ذلك صراع السيطرة والنفوذ الدائر بين تنظيمي جبهة النصرة وداعش. مشيراً إلى أن الجماعة قد تنجح في وقف تمدد تنظيم الدولة، وقال "بسبب تنامي حجم الجرائم التي ارتكبها داعش بموازاة سيطرته على أجزاء واسعة من سورية والعراق، تطرح مشاريع حول كيفية التخلص من هذا التنظيم الدموي. إلا أنه للأسف لا توجد رغبة حقيقية من المجتمع الدولي في ذلك".

إلا أن عيتاني لا يقطع بالنفي التام لإمكانية القضاء على داعش. وقال "يمكن تحقيق ذلك عسكرياًّ، وهذا ما شاهدته في سورية هذا العام، عندما تحالفت مجموعات محلية في الشمال لطرد المتشددين، وبالفعل نجحت في ذلك بإدلب وحلب. إلا أنها لم تستطع فعل الشيء نفسه شرق حلب، بعد أن نجح التنظيم في التمدد شمالاً".

ويركز عيتاني على ضرورة إزالة الأسباب السياسية التي كانت سببا في ظهور التنظيم، قائلاً "الضعف الذي يعتري الدول العربية كان سبباً في ظهور طفيليات مثل داعش، التي ملأت هذا الفراغ الكبير. إذن أزمات المجتمعات وحالة الفراغ السياسي في بعض الدول العربية أوجدت داعش، لكن يمكن القضاء على هذا التنظيم من خلال مشاريع سياسية حقيقية. والأهم من هذا كله القضاء على نظام بشار الأسد، الذي سيعتبر ضربة قاضية للتنظيم الذي يستقي مبررات وجوده من وجود مثل هذه الأنظمة، خصوصا أنها باتت ذات أبعاد دولية، تخطت الحدود، وضربت معالم سايكس بيكو، منشأة دولة ثالثة، تأتي بمقاتلين من الخارج، حتى إن بعض المجموعات السلفية الجهادية بايعت الدولة الإسلامية. وهذا كله يصب ضمن الانهيار في المنطقة، مما دفع الرافضين لهذا الواقع الانخراط في داعش الذي عاد بهم إلى الخلف".