في الوقت الذي يحتضر فيه تراثنا ويتلاشى، ويكاد يلفظ أنفاسه الأخيرة، تمتد يد مسؤول السياحة وقائد دفة الحفاظ على التراث الأمير سلطان بن سلمان، لتبث الحياة في قرى عسير. فأمر بالحفاظ على المواقع الأثرية فيها، وتفعيل حصونها من جديد حتى تعود كما كانت عليه من قبل.

ومن أهم تلك القرى: العكاس، التي تتميز بموقع خاص، إذ تقع على أهم أودية أبها، وهو وادي عشران، وتمتد حصونها من الجنوب إلى الشمال. شيدت بهمم رجالها الذين اختاروا لها حجرا يشبه صلابة سواعدهم، وكان الحجر من جبل "فارس" منذ أول حصن شيد كما كان هذا الجبل نفسه يحتوي على أربعين حصنا يتوسطها مسجد لم تزل بقاياه حاضرة حتى ا?ن. ومن القرى التي نظر إليها بعين الحماية من أذى الأسمنت: السودة - تيهان - المخض - آل ينفع.

وكلها تشبه العكاس اهتماما وحضورا في نفوس أبناء عسير. فكل من يرى تلك القرى وكيف أصبحت، وعلم بمبادرة الأمير سلطان؛ لن يتوقف من نثر كلمات الشكر ?مير الإبداع على هذه اللفتة الثمينة. ولنا رجاء أن يعرج على بقية القرى التي تئن من فقد كينونتها ونضارتها وحضارتها وتحولها إلى ركام اختلط "عدادها بحجرها" ببقايا ذكريات ساكنيها، فلم تعد تلك التي شيدها أهل الوفاء والفزعة والمروءة، ولا التي كانت تجمع القوم عندما يسقط منها شيء فيتداعون متعاونين على قلب رجل واحد، ومن تلك القرى قريتي "الهضبة" ذات السمات الخاصة وحوادث التاريخ. ففيها عدة حصون كحصون: القثردي - حصن صمان- حصن آل شريم.

وغيرها من قرانا الواقفة على حافة الهلاك تنتظر أن تعود إليها الحياة. رحل أصحابها إلى مثواهم الأخير، ومن ورثوها باعدت بينهم وبينها المسافات.

إعادة الحياة إلى هذه القرى هي مسؤوليتنا جميعا نحن أبناء المنطقة بالتعاون مع هيئة السياحة، وذلك من خلال إحصائها بشكل دقيق، وتقديم المقترحات والآراء. أما آلية الترميم فيجب أن تكون بالأدوات ذاتها المتوافرة، والمحافظة على الشكل الأصلي للقرية، وا?ستغناء عن مواد البناء الحديثة، حتى تحتفظ بعبقها ووهجها، وتتلاءم مع مكونات القرية الطبيعية.