دائماً ما أحب توظيف أسطورة تنتالوس ومعاناته الأبدية للدلالة على الأماني المستحيلة التي يريد أن يحققها الإنسان لكنه يعجز عن تحقيقها.
تنتالوس أحد أبطال الميثولوجيا الإغريقية الذي حكمت عليه الألهة بالعذاب الأبدي والعطش الدائم، إذ وضعته في بحيرة عذبة مربوطاً على شجرة، وكلما أراد تنتالوس الشرب نزل الماء حتى قدميه وبهذه الطريقة استمرت معاناته وعذابه الأبدي.
ومما يجعل الميثولوجيا الإغريقية ملهمة ودائمة بدوام الإبداع على كوكب الأرض هو حكمتها ورمزيتها التي تستمر معنا في كل مجال من مجالات الحياة، واليوم نحن نعيش حالة مشابهة لحالة تنتالوس المسكين في رياضتنا المحلية، ففي أسطورة انتقال نايف هزازي تعلمنا ماذا تعني الأماني المستحيلة بشكل عملي، فكل يوم تتردد في وسائل الإعلام خرافة انتقال هزازي من نادي الشباب، وكل يوم ترتطم هذه الأمنية بصخرة الواقع التي فرضت على هذا الأمل أن يظل ذبيحاً.
فهذه الأندية بإعلامها المحسوب عليها اتبعت قاعدة (لا يأس مع الحياة) وجعلت من هذه المقولة نبراساً تهتدي به للوصول لهذا الحلم السرمدي لكسب خدمات نايف هزازي في الفترة الشتوية، وحتى هذه اللحظة استمر هذا الحلم التنتالي مثل خرافة من خرافات العجائز أو حكاية عجائبية من حكايات شهرزاد التي رددتها على مسامع الملك شهريار طوال ألف ليلة وليلة.
ومن المضحكات المبكيات أن أصحاب هذا الحلم السرابي هم أنصار أندية مكبلة بالديون لا تزال ترهقها الالتزامات المالية المتراكمة، ويعانون من عجز مالي أجبرهم على تسول المعونات المالية، فكيف يريدون أن يزيدوا الطين بلة بلاعب لن ينتقل إلا بمبلغ مالي ضخم (هذا على افتراض وافقت الإدارة الشبابية على انتقاله).
أطلق رئيس الشباب الأمير خالد بن سعد في مؤتمره الصحفي الأخير مقولة الإخوة المصريين (المويه تكذب الغطاس) قاصداً بأن كل من يعتقد أن لديه القدرة على نقل هزازي، عليه أن يبرهن على شطارته في هذه الفترة الشتوية، وهي رسالة مبطنة لفئة احترفت الكذب وجعلت منه بضاعة لتسويق أخبارها الأسطورية.
وحتى حسن معاذ كان هو الآخر أحد أبطال الإعلام الصانع للوعود الكاذبة والإغراءات السرابية، ومثل هذه الشائعات لا تتكاثر ولا تعيش حياتها الطفيلية إلا في أوساط تخلو من الوعي، وفي مجتمع رياضي لديه القابلية لتصديق كل ما هو خارج عن العقل، وحتى النفي الرسمي المتكرر الذي صار عبثياً مع هذه الشائعات لم يعد يجدي نفعاً، لذا أعتقد أن المشجع ذاته يجب أن يسمو ويتعالى بعقله عن مثل هذه الحكايات والأراجيز المسلية لأنها تستغل عاطفته واهتمامه البليغ بشؤون ناديه.