منذ سنوات وجدة والمطر ليسا صديقين. زارها مرة فغرقت، وزارها أخرى فحدث ما لم يحمد عقباه، العروس التي يبلل الماء رجليها ليل نهار، وتسكن في ضفافه، تحب أن يأتيها الماء من البحر وتجاوره، ولكن تخشى أن يسقط عليها "قطر السماء"، فـ"غشقة مطر" كفيلة بخلق جو من الخوف لم يعتده سكان هذا المكان قبل عام 1430، رغم كل الجهود المبذولة لحمايتها من "أزمة المطر".

مساء أمس، ومنذ الـ12 ظهرا كانت أجواء جدة الملبدة بالغيوم، عذرا لمن أراد أن يقفل أبواب مكتبه هربا من المطر، فيما فضل آخرون الانتظار حتى يسقط المطر، لتزدحم شوارع جدة في الـ2 ظهرا، عبر شوارع امتلأت بالهاربين من "فوبيا المطر"، وجوه الناس كانت وجلة تخشى أن تتجاوز قوة المطر ما تتحمله جدة، فيحدث مكروه لهم أو لذويهم.

الأخصائي النفسي مشعل القرشي، أشار إلى أن "فوبيا المطر"، شيء حقيقي في جدة، ويحتاج إلى وقت طويل لعلاجه عبر علاج سلوكي يمر بعدة مراحل، يقوم فيها المختصون بالاستعانة بأخصائيين نفسيين عبر حملة مكثفة في مواسم المطر، من أجل تجاوز هذه الأزمة.

وأضاف أن سبب هذا الخوف يعود إلى الصدمات النفسية التي سببتها الحوادث الماضية لجدة مع المطر، فتسببت في أزمة ثقة، مبينا أن هذه الأزمة لم تعالج بشكل صحيح منذ البداية عبر علاج مكثف وتأهيل للمتضررين من المطر والسيول منذ عام 1430، وهو العام التي حدثت فيه كارثة جدة، وأسهم عدم علاج تلك الآثار في ترسخ ذلك الخوف في نفوس الناس.

وأوضح القرشي أن أولى مراحل العلاج تبدأ بأن يكون هناك جسر تواصل بين الجهات المختصة والمواطنين فيما يخص المعلومات المتعلقة بالأمطار والأضرار، وكذلك معلومات شاملة فيما يخص المطر والكميات والسيناريوهات المتوقعة، وبعد ذلك تقوم الجهات الصحية بنشر فرق نفسية متخصصة في المدارس والأسواق، لإعادة تأهيل الناس فيما يخص التعامل مع المطر.