على الرغم من أن قمة العشرين وليدة في دورتها التاسعة على مستوى قادة عمالقة الاقتصاد في العالم، إلا أنها اكتسبت بعداً واهتماماً كبيرين على مستوى الرأي العام والمنظمات وجماعات الضغط، ذلك يأتي في ظل النظر إليها باعتبارها معركة سياسية مصغرة لا تخلو دورة من دورات انعقادها دون أن تتزامن مع اضطرابات سياسية أو اقتصادية، أو مناورات دبلوماسية لقادة الأقوى عشرين، ويرى مراقبون أن السياسة والاقتصاد يردف كل منهما الآخر إلا أن الأوضاع السياسية بدت أكثر تأثيرا على سير المحادثات بما يجعل الاقتصاد هو المحرك الأساس لتسويتها.

ويؤكد مراقبون أن مشكلة الإرهاب وتأثيراته على الاقتصاد الدولي، وتفشي الأمراض وكان آخرها إيبولا الذي أصاب ما يقارب 14413 في ثماني دول، وأن 5177 شخصا توفوا نتيجة الإصابة بالمرض، والضغط على المصارف ومؤسسات تحويل الأموال لخفض رسوم التحويلات، وحفز النمو الاقتصادي العالمي في ظل تراجع معدلاته وتحقيق ارتفاع مستويات المعيشة، بجانب المناخ والقضية الأوكرانية، ستكون الملفات ذات الأهمية أمام القادة.

وتتصف مجموعة العشرين بأنها منتدى غير رسمي يدعم المناقشات البناءة والمفتوحة فيما بين دول السوق البارزة والدول الصناعية حول القضايا الأساسية

المتعلقة باستقرار الاقتصاد العالمي. ومن خلال مساهمتها في تقوية الهيكل المالي العالمي وإتاحة فرص الحوار حول السياسات الداخلية للبلاد والتعاون الدولي فيما بينها وحول المؤسسات المالية الدولية، فتقوم مجموعة العشرين بتدعيم حركة النمو والتطور الاقتصادي في شتى أنحاء العالم.


إنجازاتها منذ تأسيسها

منذ عام 1999 أتمت مجموعة العشرين عددا من القضايا، منها: اتفاقية حول سياسات النمو، والتقليص من سوء استخدام النظام المالي، والتعامل مع الأزمات المالية والتصدي لتمويل الإرهاب. وتهدف المجموعة أيضا إلى اتباع المعايير الدولية المتعارف عليها من خلال المثال الذي يطرح من قبل الأعضاء في نطاقات مثل: شفافية السياسة المالية والتصدي لغسيل الأموال وتمويل الإرهاب. وفي عام 2004، تعهدت مجموعة العشرين بوضع معايير أعلى وجديد تتعلق بالشفافية وتبادل المعلومات ويصب مغزاها في مفهوم الضرائب، ويهدف ذلك إلى التصدي لسوء استخدام النظام المالي والحد قانونا من بعض الأنشطة مثل التهرب الضريبي. وتلعب مجموعة العشرين أيضا دورا كبيرا في الأمور المتعلقة بإجراء إصلاحات في الهيكل المالي العالمي.

وعلاوة على ذلك، فتهدف مجموعة العشرين إلى تنمية رؤية عامة بين الأعضاء حول القضايا المرتبطة بتطوير أكثر للنظام المالي والاقتصادي العالميين.

وعلى هامش الاجتماعات السنوية للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي في عام 2008 فقد عقدت المجموعة اجتماعا غير عادي لتعريف الوضع الاقتصادي الراهن.

ووفقا للهدف الأساسي الذي أنشأت من أجله المجموعة، وهو دعم سبل الحوار والتبادل البناء والمفتوح بين دول السوق البارزة والدول المتقدمة للقضايا الرئيسية المتعلقة بنمو واستقرار الاقتصاد العالمي، فقد ناقش وزراء المالية ومحافظو البنوك المركزية أزمة السوق المالية الحالية وعواقبها على الاقتصاد العالمي.

وأكد الوزراء والمحافظون على التعاون المتبادل فيما بينهم للتغلب على هذه الأزمة والتعميق من مفهوم التعاون لتحسين مستوى اللوائح والمراقبة، والتأكيد على الوظيفة العامة التي تمارسها الأسواق المالية العالمية.

أستراليا 2014

ينتظر أن تخلص قمة القادة العشرين في 2014 التي تختتم أعمالها اليوم، إلى عدد من القرارات التي يتوقع أن يطالب بها القادة التي تركز على بناء مرونة الاقتصاد العالمي عبر تقديم التزامات بشأن التنظيم المالي لمجموعة العشرين في بناء مرونة المؤسسات المالية، وضمان أن المؤسسات لا تحتاج إلى دعم مالي من الحكومة، ومعالجة مخاطر الظل المصرفية وجعل أسواق المشتقات أكثر أمانا.

بجانب تحديث النظام الضريبي الدولي لمواكبة الأساليب المتغيرة التي ينهجها الناس والشركات في القيام بالأعمال التجارية إصلاح المؤسسات العالمية لضمان أن يكون للاقتصادات الناشئة صوت أكبر والحفاظ على المؤسسات ذات الصلة.

وتعزيز مرونة سوق الطاقة من خلال جعل أسواق الطاقة العالمية أكثر كفاءة وشفافية، والاتفاق على كيف يمكن للمجموعة أن تساعد في تعزيز النظام التجاري العالمي، التي تضم منظمة التجارة العالمية وأكثر من 400 تجارة حرة واتفاقيات قطاعات محددة، ومكافحة الفساد للحد من تأثيره.

وستشمل القضايا التي سيتم البت فيها قيام الاستراتيجيات والإجراءات الرامية إلى زيادة الاستثمار، وزيادة التوظيف، وتعزيز التجارة وتشجيع المنافسة، إذ التزم وزراء المالية ومحافظو البنوك المركزية في سيدني فبراير 2014 على أن يكون الهدف هو رفع مستوى الناتج الاقتصادي لمجموعة العشرين على الأقل بنسبة 2 في المئة فوق التوقعات القائمة على مدى السنوات الخمس التالية. ومثل هذا الهدف يعتبر شيئا فريدا في تاريخ مجموعة العشرين، إلى جانب القضايا السياسية كأوكرانيا والصحية كإيبولا.


الحضور السعودي الفاعل

استطاعت المملكة القيام بدور مهم عبر الإسهام بضبط وتيرة الاقتصاد العالمي، حيث استحوذت خلال مشاركاتها في المجموعة على أهمية استثنائية، ولدى المملكة ثاني أكبر صندوق استثمارات سيادية في العالم، والأكبر عربياً، حيث تحتوي مؤسسة النقد العربي السعودي أصولاً للمملكة موزعة على مختلف أنحاء العالم، بما في ذلك الأسواق الناشئة والأسواق المتقدمة على حد سواء، بما يجعل القرارات الاستثمارية للمملكة ذات أهمية استثنائية.

كما أن لدى المملكة واحداً من أكبر الاحتياطات النقدية في العالم، حيث أعلنت مؤسسة النقد العربي، وشكّل دخول المملكة العربية السعودية إلى مجموعة العشرين الدولية التي تضم أقوى 20 اقتصادًا حول العالم زيادة في الدور المؤثر الذي تقوم به المملكة في الاقتصاد العالمي، كونها قائمة على قاعدة اقتصادية - صناعية صلبة. وكان لنجاح قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله - في توجيه سياسة المملكة الاقتصادية ودعم الاقتصاد وقطاع الأعمال السعودي، أبلغ الأثر في جعل المملكة دولة فاعلة في رسم سياسة الاقتصاد العالمي وقبلة آمنة للاستثمارات من مختلف دول العالم.

وتأكيداً لمكانة المملكة وثقلها المؤثر على الاقتصاد العالمي، ولمواقفها المعتدلة وقراراتها الاقتصادية الرشيدة، فإنها فتحت باب الاستثمار الأجنبي تماشيا مع أحد أهم أهداف خطتها التنموية الخمسية التاسعة بتعزيز دور الاستثمار الأجنبي في التنمية، حيث تبنت في إحدى قمم العشرين منح موازنتها التنموية التي رصدتها للكثير من مشاريع البنى التحتية وطرحها أمام الشركات العالمية لتشارك في التنمية السعودية وكحافز ذكي منها إلى دعم وتحريك عجلة الاقتصاد العالمي والنمو المتدني وهو ما وجد احتفاء بين قادة المجموعة.

ولم يكن حضور المملكة في أي محفل خارجي إلا ورافقه حراك عملي فاعل من قبلها يؤكد ثقلها الكبير على الساحة الدولية.





المملكة ورؤساء برلمانات الـ(G20)

وفي سياق تلك الاجتماعات الدورية التي تعقد على هامش قمة قادة الرؤساء، استضافت المملكة القمة التشاورية لرؤساء برلمانات الدول العشرين لدور البرلمانات المهم في تحقيق النمو والرفاه للشعوب، وكان مجلس الشورى بالمملكة قد استضاف قمة تشاورية على مستوى الرؤساء المجالس والبرلمانات وافتتحها نيابة عن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود رئيس مجلس الشورى الشيخ الدكتور عبدالله بن محمد بن إبراهيم آل الشيخ في الرياض في فبراير 2012 أعمال القمة التشاورية الثالثة لرؤساء برلمانات الدول الأعضاء في مجموعة العشرين في الرياض، تحت شعار "نمو اقتصادي مستدام لعالم آمن".

وناقشت القمة البرلمانية حينها ثلاثة محاور رئيسة هي: "الحوار العالمي للثقافات" و"الأزمة المالية العالمية وآثارها على الاستقرار العالمي"، و"دور الطاقة في التنمية المستدامة".

وخرج المجتمعون حينها بعدد من التوصيات المهمة التي رفعها التشريعيون لقادة العشرين للنظر فيها.




بدعم السعودية.. توجه لإنشاء كيان فوق "الأوبك" و"الطاقة الذرية"


الرياض: أحمد السلمان

لا يخلو محفل دولي ولا عالمي تشارك فيه المملكة إلا وتضع بثقلها بصمة فيه عبر حراك عملي وإسهام يفعل أروقة العمل داخل تلك المحافل، وفي إطار الحضور العملي الفاعل الذي تقوم به المملكة على الساحة الدولية بهدف تحقيق الاستقرار والأمن على المستويين السياسي والاقتصادي، ومشاركتها الحالية في قمة بريزبين 2014 لقادة مجموعة العشرين في أستراليا، حيث رأس وفدها نيابة عن خادم الحرمين الشريفين، سمو ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير سلمان بن عبدالعزيز، أشارت تقارير عدة إلى توجه زعماء في قمة المجموعة لوضع أسس لنظام عالمي جديد لتجارة الطاقة للمساعدة في ضمان فتح الأسواق ومنع استخدام إمدادات النفط والغاز كأدوات للسياسة الخارجية.

وبحسب صحيفة "أستراليان" في تقرير لها أمس، فإن جزءا أساسيا في الخطة التي تحظى بدعم السعودية وروسيا، سيكون إنشاء مؤسسة أعلى من منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) ووكالة الطاقة الدولية.

وقالت الصحيفة إن المحادثات بشأن أمن الطاقة لم تنته بعد وقد تتأثر بالجدل المتزايد بشأن تغير المناخ، مشيرة إلى أن اتفاق مجموعة العشرين يتوقع أن يشمل التزامات بخصوص أمن امدادات الطاقة والشفافية بشأن التسعير.

ومن المرجح أن يتضمن الاتفاق أيضا قيودا على استخدام دعم الطاقة والتزامات بشأن كفاءة استخدام الطاقة.