الحديث عن هذه المدينة العاشقة المعشوقة التي شهدت انطلاقة ما يقول المؤرخون إنه أنصع فصل في التاريخ العربي بعد عصر الرسول صلى الله عليه وسلم. وقد حباها الله بميزات كثيرة يطول الحديث فيها منها عاشقها وعاشقته، أميرها سلمان بن عبدالعزيز -أعاده الله لوطنه ومحبيه سالما معافى- الذي لا يمل ولا يكل من بذل كل مايملك من إمكانات لجعلها نجمة العواصم.

والذين يغيبون عن الرياض ويأتون إليها بعد فترة من الزمن يلحظون كل مرة أن وجه الرياض قد ازاداد حسناً وبهاءً.. وقد شهد بذلك بعض الوفود الذين رافقتهم أثناء عملي الرسمي.. هذه حقائق ماثلة للعيان وليس هناك أصدق من حديث تدعمه الشواهد والأدلة الماثلة للعيان لكل من يزور مدينة الرياض.

ونتيجة لكل المميزات التي تتمتع بها مدينة الرياض أصبحت مقصداً، وبات يحلو للكثيرين الانتقال إليها والعيش فيها مما أدى إلى زيادة كبيرة في عدد سكانها وترتب على ذلك أن أصبحت من أكثر مدن المملكة كثافة سكانية وأكثرها ازدحاماً وأصبح الانتقال والسير في طرقها الرئيسية يشكل صعوبة بسبب تمركز مناطق المراجعات الحكومية والأسواق والمستشفيات على الطرق الرئيسية.

وبالرغم من المشروعات العملاقة التي شهدتها وتشهدها المدينة من جسور وخطوط دائرية إلا أنني أظن أن هناك أسباباً عديدة أبقت على استمرار الازدحام في الطرق الرئيسية المعروفة ومن هذه الأسباب:

1- تزايد أعداد قاطني المدينة الذي قد يكون فوق التوقع.

2- تمركز الخدمات الحكومية والخدمات الخاصة مثل الأسواق والمستشفيات في مناطق محددة.

3- النقل العام الذي أصبح وجوده أمراً حتمياً.

4- تميز بعض الخدمات الخاصة وخاصة المستشفيات.

وقد يكون الحل لهذه الإشكالات:

أولاً: لعل من أسباب زيادة عدد السكان الذي أبنيه على الملاحظة وليس على نتيجة علمية أن القادمين لمدينة الرياض للدراسة أو التدريب من المدن الصغيرة أو القرى أن العيش في مدينة الرياض يطيب لهم بسبب توفر الوظيفة لهم بسهولة وبسبب حياة المدينة التي يفضلها البعض على حياة القرية.. وأظن أيضاً أن ما قد يساعد على حل هذا الأمر هو زيادة عدد الجامعات في المناطق التي لا توجد بها جامعات، مما يوفر الفرص الدراسية لأبناء تلك المناطق للدراسة والعمل في مناطقهم.. لكنني أظن أيضاً أنه لابد من افتتاح فروع لمعاهد وكليات ومراكز التدريب في المناطق، مثل معهد الإدارة ومراكز التدريب العسكرية والصحية وعدم اقتصارها على المدن الكبرى لضمان توفير التدريب لأبناء تلك المناطق لأنهم في الغالب الأعم عند انتقالهم إلى المدن للتدرب لا يعودون لقراهم ومدنهم الصغيرة حيث تحلو لهم حياة المدينة الكبيرة. وهذا قد يخفف النزوح من القرى والمدن الصغيرة إلى المدن الكبيرة.

ثانياً: قد يكون وجود الوزارات والإدارات الحكومية في شارع واحد أو جهة واحدة من المدينة مدعاة للزحام.. ولهذا قد يكون من المناسب إخراج الخدمات الحكومية إلى منطقة جانبية من المدينة لها طريق مخصص لا يسلكه إلا من يريد المراجعة لتلك الوزارات أو الإدارات.. وفي ذلك تخفيف كبير على حركة السير داخل المدينة وتسهيل حركة السير داخل المدينة وتسهيل إنهاء إجراءاته خصوصاً إذا احتاج الأمر أن ينتقل من وزارة إلى أخرى أو من إدارة إلى أخرى لأنه لن يستخدم السيارة داخل المدينة. كما أن توسعة المستشفيات الصغيرة ورفع مستوى خدمات المراكز الصحية ووجود أماكن التسوق خارج مركز المدينة أو على الشوارع الرئيسية يخفف الحركة وسطها وعلى شوارعها الرئيسية.

ثالثاً: النقل العام المتمثل في المترو والأتوبيسات العادية والكهربائية أصبح ضرورة ملحة للمدن الكبيرة. فلا أظن اقتصار التنقل بالسيارات الخاصة أو وسائل النقل المتاحة حالياً يفي بالغرض. انظروا إلى السيارات التي تسير بجانبكم. ترون سيارات من الحجم الكبير تتسع لسبعة أو تسعة ركاب أو أكثر أو أقل ويستقلها راكب واحد. وهذا يشكل زحاما بل وهدراً. النقل العام سيتحول مع مرور الزمن إلى ثقافة بحيث نرى حتى أصحاب الوظائف المتوسطة وفيما بعد الكبيرة يستقلونه تماماً كما في الدول التي سبقتنا إليه. هذه حقيقة. قد يكون في عمل الجسور والأنفاق حل جزئي أو تخفيف للمشكلة لكنه لا يقضي عليها مع تنامي أعداد السكان في المدن الكبيرة.

رابعاً: تميز الخدمات الصحية في المدن الكبيرة يجعل الجميع يتجه إليها. وعمل مستشفيات متخصصة في المدن الصغيرة وفي المنتجعات لا يجعل الاقتصار لارتيادها على سكان تلك المدن بل وحتى سكان المدن الكبيرة يذهبون إليها للاستشفاء وبعدها النقاهة في أماكن يلفها الهدوء وتحيط بها سهولة الحركة وتكتنفها الراحة لأن فيها أيضاً تفاديا لزيارات المعارف الذين عادة ما تزعج كثرة زياراتهم المريض. تماماً كما في بعض الدول التي تشتهر بمراكزها الصحية المتقدمة التي نراها في منتجع أو في مدينة صغيرة.

الرياض رمز القوة ورمز الوحدة وعاصمة بلادنا الحبيبة ستظل حبيبة قلوبنا نعشقها عشق الوطن ولا يشوه وجهها المضيء دائماً أي نقص ولكنها مقترحات من أحد العاشقين لمعشوقته ليزداد وجهها بهاءً وحسناً وضياء. ودامت الرياض رمزاً وعزاً ووفق الله عاشقها الأول في كل خطوة يخطوها.