والقصة الخيالية التي أكتبها اليوم أكثر ألماً ومأساة حتى من توصيف اللغة في العنوان بعاليه، وأتمنى أن تصل تفاصيلها المدهشة إلى معالي وزير العمل وطواقمه العليا من حوله. هي أشبه بما يمكن توصيفه بحالة "استعمار" خفي باسم السعودة، واسمحوا لي على هذا التشبيه. هي ما يلي: عند الساعة الثامنة من مساء الخميس الماضي فوجئ ما يزيد عن 300 شاب "مهندس" سعودي برسالة موحدة تتضمن خطاب استغناء عن العمل من شركة "أجنبية" عملاقة تعمل بيننا في مشاريع إنشاء مليارية. الجملة الأولى في الخطاب الموحد تقول (إنه بناء على رفض وزارة الداخلية "عميل خدماتنا" لتوظيفكم فقد تم فصلكم استناداً إلى البند القانوني في العقد المبرم الذي يسمح لشركتنا بفصلكم عن العمل في فترة التجربة).

معالي الوزير: هنا خيط القصة. نحن أمام شركة أجنبية عملاقة تعمل لدينا بعقود مليارية. وخلال أقل من شهر واحد، وعلى مسؤوليتي، استقطبت هذه الشركة أكثر من 300 مهندس سعودي بإغراءات مالية مشبوهة أجبرتهم جميعاً على الاستقالة من مواقعهم السابقة. الشبهة الكبرى أنها أعطت لكل فرد اختيار مكان عمله في أي منطقة وأي مكان يختاره "المهندس" بغض النظر عن الحاجة، الشبهة الأكبر أن الشركة نفسها كانت تغري الفرد بما يقرب من ضعف الراتب ليترك عمله السابق. وخلال أقل من شهر، وببرهان الأوراق في الملف الضخم بين يدي، اكتفت هذه الشركة بخطاب موحد للفصل والاستغناء بعد أن أعدمت مستقبل 300 مهندس شاب تركوا وظائفهم السابقة تحت إغراء مفتوح فأين تكمن القصة؟ لا يوجد تبرير أو تفسير سوى عملية "نصب واحتيال" لاختراق قوانين العمل.

كل مهندس سعودي وهمي سيضمن لهذه الشركة استخراج أربع تأشيرات نوعية بحسب نظام "نطاقات"، وهذا يعني استقدام 1200 عامل أجنبي، وحين تم استخلاص كامل أوراق التأشيرات صدر خطاب الاستغناء وتم الفصل بهذه الطريقة "المريضة"، معالي الوزير: قرأت في حياتي عشرات القصص مثلما قرأت من قبل بعض خطابات الاستغناء. لكنني اليوم أمام حالة تدليس ونصب واحتيال يوقع فيها الاسم "الأعجمي" خطاب فصل واحد لـ300 مهندس شاب بهذه الطريقة. هذه القصة لا يجب أن تمر مرور "اللئام" على هؤلاء المئات من الضحايا.