للنبي عليه السلام مجموعة بيوت، معظمها يحيط بالمسجد النبوي مكان تجمع المصلين، ومن البدهيّ أن النبي، إن لم يكن في سفر، فهو يكون موجودا في واحد منها فقط أما الباقية ففي كل منها إحدى زوجاته.

جاءت آية الأحزاب (53) تأمر "الذين آمنوا" بسلوك محدد مع بيوت النبي، سمحت لهم بالدخول، كمجموعة، في حالة تلقوا دعوة للطعام من أحد هذه "البيوت" بشروط: أن ينتظروا خارج البيت (في المسجد مثلا) حفظا للأدب ورفعا لحرج النساء ورفع الأذى عن النبيّ، فبيوته عليه السلام لم تكن واسعة بما فيه الكفاية التي تكفل - مع وجود المدعوين - راحة النساء في عملهن، وألا يدخلوا البيت إلا حين يكون الطعام جاهزا، وأن يأكلوا وينصرفوا فوراً.

أما كأفراد فقد يحتاج رجل ما إلى أي متاع من "بيوت النبي" وهنا أوجبت عليه أن يطلب حاجته "من وراء حجاب" وفي حال توفرها سيجهزها له أهل البيت ثم يعطونه وينصرف دون أن يدخل.

الضمير (هنّ) في "وإذا سألتموهن متاعا" المقصود به نساء النبي عليه السلام، وليس لهذا الضمير ما يعود إليه سوى "بيوت النبي" في بداية الآية، هذا يؤكد أن النهي (عن دخول الرجال إلا بإذن ودعوة لطعام، وعدم انتظار نضجه والانصراف فورا بعده، وسؤال المتاع منهن من وراء حجاب) إنما هو نهي عن الدخول على (نساء النبي) إلا وفق حالات محددة بوضوح وبشروط واضحة حين يتلقون دعوة من أحد هذه البيوت للطعام أو احتاج أحدهم متاعا من أحد هذه البيوت حيث يوجد نساء فقط أو إحدى أزواجه وحدها.

ولأنها بيوت نساء فقد استثنت الآية التالية رجالا من المحارم ومن في حكمهم سمحت لهم بالدخول وأعفتهم من الشروط.

الآية موجهة للرجال من أولها حتى آخرها عبر ما يقرب من عشرين صيغة مذكر مخاطبٍ جمعٍ (أفعال، أسماء، ضمائر).

إن "فاسألوهن من وراء حجاب" أمرٌ موجه للرجال لا لبس فيه، وحكم في حقهم وعليهم واجب تنفيذه، وليس على النساء، على من هو خارج البيت وليس على من هو داخله.

للحديث تتمّة.