في مجلس المناسبة التي حضرتها أخيرا تكفل اثنان ـ وثالثهم كانت مهمته التعزيز لهما ـ بوصف جميع أنواع الأدوية الحديثة وكل أشكال الوصفات الشعبية لأحد الحاضرين لمجرد شكواه من نوبة سعال عابرة ألمت به. لم يتوقف الطبيبان اللذان يحملان الشهادة المتوسطة عند هذا الحد، بل زادا لأبعد من ذلك حين كتبا كل ذلك في ورقة ومرراها على الجميع ليعم بنفعها أرجاء المجلس على حد زعمهما!

المفارقة الأولى هناك أن طبيبا حديث التخرج كان ضمن الحضور، وهو الذي ذكر لي على انفراد أنه سمع من ضمن الأدوية التي ذُكرت دواء أو أكثر لا يمكن استخدامه إلا بجرعة محددة من طبيب حاذق، وأكثر من عشبة سمية تكفي "ملليجرامات" منها لتحويل شخص مصاب بسعال عابر إلى آخر مصاب بسمية شديدة في الجسم! أما المفارقة الأخرى فهي سيل الدعوات بالتوفيق والسداد التي أمطرها الحاضرون على الطبيبين اللذين سينقلان علمهما السابق بلا شك لمجالس أخرى!

في محل العصائر الطازجة المجاور يضع البائع لافتة من 64 فائدة لأحد أنواع العصير التي يبيعها، تنهي تلك القائمة التي حُقنت بكل الأمراض التي تعرفها وتلك التي لم تتعرف عليها بعد، وأنت تتساءل عن الجدوى من بقاء الصيدليات والمستشفيات مشرعة الأبواب، فالقائمة التي أمامك تحوي كل أقسام المستشفى وكل أدراج الصيدلي!

في موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" غرد أحد الأطباء الوهميين المنتشرين من حولنا عن خلطة جديدة ومبتكرة توصَل لها بعد سلسلة من الخرافات والتجارب الكاذبة على المساكين، زعم أنها علاج أكيد وناجع ضد السحر والمس والحسد وكل أنواع الأمراض النفسية والعضوية، وأردفها بتغريدة أخرى يعزي من لم يستطع الحصول على وصفته الخارقة بأنه سيحاول توفيرها في الأيام المقبلة!

لوزارة الصحة: أطباء الوهم من حولنا يصعبون من مهمة أطباء المستشفيات، ويحولون مرضى جددا لأجنحة المستشفيات المكتظة أصلا، ويرفعون من نسب المصابين بالفشل الكلوي والسكر والأورام الخبيثة!.