لوهلة تظن أن الشارع العربي يحتاج إلى جرعة يومية من السخرية على الواقع السياسي، وتستيقظ كل يوم على "البارانويا" الإخبارية في عدد من القنوات التي لا تكل ولا تمل عن استضافة المحللين السياسيين الذين لا شغل لهم إلا إلقاء أفكارهم المؤدلجة على المشاهد الذي وقع ضحية لمصطلح "بارانويا" الذي يعرفه علماء النفس بأنه جنون الاضطهاد!
أمام هذه الشاشات ومحلليها لا شك أن المشاهد أصبح يعاني نفس الجنون، وتتوارد إليه الشكوك بالوقوع ضحية مؤامرة سياسية دمرت مستقبله ومستقبل بلده، واختلط عليه الأمر فلم يعد يثق هل هو في فصل الربيع أم في الشتاء؟!
متى تستفيق القنوات الإخبارية من سباتها وتنزل إلى الشارع وتتقصى الأخبار وتتحقق من دقتها؟ ألم يحن الوقت كي تبتعد عن منهجية التحليل التي تستند على الشك والتخمين؟!
للأسف، فإن الزميل الوهمي "مصدر" أصبح علامة فارقة في كثير من الأخبار، وهذه نقطة لا بد أن تحسب لها أي جهة رسمية ألف حساب، لأن هذا الزميل يخرج ويدخل إلى غرف الأخبار ويتجول في كل مكان!
في النهاية نحن أمام حقيقة لا يمكن إنكارها، وهي أن بعض القنوات الإخبارية باتت اليوم بمنزلة آلات الحرب كالمدافع، فهي لا تكل ولا تمل عن صناعة العنف في أي مكان، ولا تكتفي بذلك فقط؛ بل باتت تصنع الأحزاب والمؤامرات والأخبار المنافية للواقع.