شخصياً.. أعتقد أن قرار سمو وزير التربية والتعليم بتطبيق نظام "المناوبة" بين معلمات المدارس النائية هو أشجع وأجرأ قرار في كل تاريخ هذه الوزارة مع أفكار تطوير بيئة التعليم. كل ما أخشاه على القرار ليس إلا "عيدان الغروب"، وهو مصطلح شعبي يطلق على كل من يضع مسماراً في قلب عجلة الخطوة الجريئة. هم أولئك "الكهنة" الذين سيسحبون من الأدراج بيروقراطية القوانين والأنظمة كي تعترض "البيروقراطية" على فكرة "المناوبة" متناسين أن ما لا يقل عن 30% من موظفي أرامكو وعشرات آلاف موظفي الجهازين العسكري والمدني يعملون بـ"الشفت" ويشتغلون بالتناوب على أداء المهمة. لماذا تكون "المعلمة" استثناء من هذه الفكرة؟ دعونا نصارح أنفسنا أمام أشجع قرار إداري: قصة المعلمات مع الحوادث ومع دوام الفجر والعودة مع مغارب الشتاء، كل يوم، لم تعد قضية إدارية بقدر ما أصبحت "قصة وطنية" تحتاج إلى قرار جريء شجاع. هذا القرار هو إنقاذ نفسي لما لا يقل عن مئة ألف أسرة سعودية تعاني من تبعات هذا العذاب اليومي مثلما هو، هذا القرار، اختراق مدهش، يجعل من الأماكن النائية وسيلة إغراء وجذب ستقضي على عشرات آلاف طلبات الانتقال التي تشكل هاجسا مستمرا وقلقا دائما للمعلمة وللوزارة. أهم نقطة في حيثيات هذا القرار أنه يضمن بشكل هائل ألا تتأثر العملية التربوية سواء "للمؤدي" أو المستقبل، سيظل نصاب المعلمة هو نفسه، وبالعكس ستقبل عليه في ظروف نفسية جديدة، وسيضمن الفصل التربوي أن منهجه وحصصه المدرسية هي نفسها بأوراقها المكتملة.

أختم بأنه في تحليل إحصائي، تقول الأرقام إن قرار سمو وزير التربية والتعليم قد تم تداوله بأكثر من 400 ألف ضغطة إلكترونية في يومه الأول على كافة وسائط التواصل الاجتماعي، وهذا يعني ترحيباً وقبولاً مجتمعياً لهذا القرار الجريء الشجاع. لكن كل ما أخشاه على هذا "الاستقبال" الجارف ليس إلا أربعة.. أو... خمسة... من حفظة الأنظمة والقوانين ومن... "عيدان الغروب" كما أسميتهم في عنوان المقال.

الخلاصة: نحن نصنع القارب في أشهر طويلة ولكن: قد يخرق طرفه مسمار صغير في دقيقة.