لم يفكر "إبراهيم" يوما في طول زوجته، فالمهم لديه أن تكون ذات خلق ودين، ولكنه يوم زواجه فوجئ بأنها أطول منه قليلا، فشعر بالقلق، وبعد مرور أشهر على الزواج، أصبح طول زوجته محرجا له، خاصة عند خروجه معها، لذلك بات يتحجج لعدم مرافقتها قدر الاستطاعة، ويطلب منها أن تذهب مع أحد أفراد أسرتها، أو السائق إذا رغبت التسوق.

ويشترط الرجال في زوجات المستقبل صفات لا حد لها، ثم يرضخ في النهاية متنازلا عن طلباته عدا واحد، وهو ألا تكون زوجته أطول منه، ويقف كثير من الرجال أمام هذا الشرط وقفة صارمة، وبالمقابل تود الفتيات أن يكون زوج المستقبل مقاربا لها في الطول أو أطول منها قليلا.

يقول إبراهيم "زوجتي استغربت تجنبي للخروج معها، واعتقدت أنني مصاب بعقدة نفسية، ولم تعلم بحقيقة ما أعانيه، خاصة حين ذهابنا للسوق ورؤية أصدقائي لي وهي أطول مني"، مشيرا إلى أن تقاليد المجتمع ترى أن طول المرأة مؤشر على ضعف الزوج، وهذا خطأ.

وأضاف "حين علمت زوجتي بما يخامرني من شعور أثناء خروجها معي للأماكن العامة، طلبت الطلاق، ولولا عناية الله، وتدخل والدها وشقيقها بتوضيح الأمر لها لكنا الآن منفصلين"، مشيرا إلى أن الحل الذي اتفقا عليه كان مراجعة طبيب نفسي ومستشار أسري حول هذا الأمر.

ويرى محمد المالكي أن "من يهتم بطول زوجته يعاني من قيود مجتمعية، جعلت للرجل سلطة على المرأة حتى في الصفات الخلقية، فالطول والقصر لا علاقة لهما بالتسلط، فكم من قصير كان جبارا"، مشيرا إلى أن الرجل ينبغي أن ينظر في شريكة حياته إلى صفات أكثر أهمية.

وأضاف أن هذا "الطول لا يحدد أيهما الأقدر على مسك زمام الأمور، فكل ميسر لما خلق له، فالزوجة عليها مسؤوليات، وكذلك الزوج، ولا دخل للصفة الجسمانية بها"، مضيفا أن زوجته أطول منه قليلا، ولم يعر لذلك أي اهتمام.

أما سلمى سالم، فقد اشترطت في زوجها أن يكون طوله مقاربا لها، أو أطول قليلا، تقول إن "أغلب الفتيات يرغبن في أن يكون زوج المستقبل أطول منهن، ولكن الطول المناسب، وليس الفارع الذي يلفت النظر لقصر زوجته".

وأضافت أن أشقاءها يرغبون في أن تكون زوجاتهم طويلات، ولكن ليس أطول منهم، مشيرة إلى أن الرجل يراعي في ذلك نظرة المجتمع، التي تعد الطول علامة على النفوذ والسيطرة، والتسلط، والإمساك بزمام الأمور، وهو ما يقلل من قيمته أمام أسرته، ومجتمعه، وأصدقائه، خاصة أثناء مشاهدتهما في الأماكن العامة.

وفي هذا الصدد، يقول المختص النفسي بجامعة أم القرى، الدكتور عبدالعزيز إلهامي، إن "التوافق الزواجي من العمليات التي تخضع لمعايير كثيرة، وفيها من الجوانب الذاتية الكثير"، مشيرا إلى أن هناك خطوطا مهمة كأن يكون الرجل أكبر سنا، أو أكثر طولا من المرأة.

وبين أن "نظر الرجل إلى امرأته الطويلة ويرفع عينيه للسماء يثير الضحك؛ لأنه شيء غير مألوف، وعلى خلاف الطبيعة التي اعتادها الإنسان، وحينما توجد في المجتمع تثير الطرافة، وهذه المواقف تترك في النفس الكثير".

وأضاف أن المرأة تفضل من هو أطول، أو من هو في طولها، ولا تحبذ أن يكون قصيرا؛ لأن من حولها سيسخرون من ذلك؛ لأنهم لم يعتادوا أن يكون الزوج أقصر من زوجته.

وقال الدكتور إلهامي إن "الجانب النفسي يرتبط بالسياق العام الذي يسود في المجتمع، ومن المعروف أن الرجل غالبا أطول من المرأة، فمتوسط الطول عند الرجال أطول منه عند الإناث، وتكون الطرفة حينما يكون العكس".