لا أدري متى يخجل "الفلكيون الجدد" منا ومن أطفالهم؟
قلت سابقا وأكررها، لو كنت "فلكيا" لاعتزلت المهنة وأعلنت الصمت؛ لأن أصغر طفل ـ اليوم ـ يمتلك "هاتفا ذكيا" وبإمكانه قراءة الطقس لمدة أسبوع كامل وبدقة يعجز عنها كبار الفلكيين، عبر برامج الطقس التي أصبحت أكثر من الفلكيين الجدد.
بعدما أصبح الكل "فلكيا" يحلل ويفسر ويشرح ويحذر، وبعدما أصبح "خبراء الطقس" أكثر من محللي البرامج الرياضية، وبعدما أصبحت أخبار الطقس في أيد غير أمينة، وكثرت فيها الإشاعات. بعد كل ذلك جاءت الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة لتؤكد أنها "تدرس" منح تراخيص للأفراد الراغبين في إنشاء مكاتب تعنى بالأرصاد أسوة بالدول الأخرى التي تمتلك أنظمة في مجال الأرصاد!
ويكشف المتحدث الرسمي للرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة حسين القحطاني، عن توجه الرئاسة لإنشاء نظام خاص بالأرصاد؛ لتنظيم العمل الأرصادي سواء كان عن طريق قطاع خاص أو شركات أو جهات أخرى أو مواقع إلكترونية ترغب في الحصول على تراخيص معنية بمجال الأرصاد أو المعلومات المناخية وغيرها وفق ضوابط محددة، مشيرا إلى ضرورة تقصي المعلومات وعدم الانجراف وراء الإشاعات التي يطلقها بعض الهواة، مؤكدا على معلومة هامة تفيد أن تحليل معلومات الطقس لا يمكن أن يتعامل معها "خبير" في ظل عدم توافر التقنيات الحديثة.
وبعد كل هذا الكلام الجميل يأتي التناقض "العجيب"، فينفى متحدث الأرصاد توجه الرئاسة لمحاسبة من يقوم بالتحدث عن الأرصاد المناخية والأحوال الجوية، أو ينشر معلومات عبر مواقع التواصل الاجتماعي أو وسائل الإعلام المختلفة تحوي معلومات غير دقيقة تتسبب في "إثارة الرعب" في نفوس المتلقين. وهنا السؤال المنطقي: إذاً لماذا تتعبون أنفسكم وتعملون على تنظيم العمل الأرصادي بإصدار التراخيص للعاملين في مجال الأرصاد؟!
ليست هناك أي فائدة من تنظيم عمل دون فرض عقوبات على من يتجاوز الأنظمة. وإلا فسن قوانين التنظيم وفرض التراخيص مضيعة للوقت!
(بين قوسين)
تزداد أهمية الشيء حين يقل وجوده بين الناس، وترتفع قيمة "المهنة" أو "الحرفة" حين لا يجيدها إلا القلة. وبعض "المهن" تفقد قيمتها حين يكثر ممتهنوها، حاول اليوم أن تحصي عدد "الفلكيين" و"خبراء الطقس".