من بين أيام حياتي الطويلة، كنت محظوظا بصباحين ليومين متباعدين. الأول حين زرت قبل أعوام مصانع شركة (AIRBUS) للطائرات في مدينة تولوز الفرنسية، والثاني حين كشفت لي شركة تويوتا عن وجهها وساقيها قبل أقل من عام لتأخذني إلى كل التفاصيل المدهشة في زيارة خالدة. وأنا اليوم لا أمزح ولا أريد من القارئ أن يأخذني على محمل (الهزل) إن قلت بوضوح إنني أتمنى يوما (ثالثا) يأخذني إلى (أم رقيبة) بعد تولوز الفرنسية وكيوتو اليابانية. اكتشفت بعد بحث وتمحيص أن هناك روابط جوهرية تجمع بين هذه المدن الثلاث في العنوان بعاليه وأول هذه الروابط ليس إلا حروب الابتكار في الاختراع والإنتاج والتوليد. خذ مثلا:

ولدت الطائرة العملاقة A380 من رحم السابقة A331 عندما برهن مهندس صغير بالشركة أن الديناميكية الهوائية ستقبل بهدوء مثل هذا الضعف. في المقابل: اشترى (رقيبي) صغير الجمل الشهير (سحاب) قبل سبعة أعوام ثم اشترى قبل عام الناقة (مزيونة) في صفقة تاريخية أنتجت لنا ولله الحمد حتى اليوم (منقية) مذهلة رفعت وزن البعير إلى الضعف تماما مثلما رفعت لنا طائرة A380 عدد المسافرين إلى الضعف. وحين زرت (تويوتا) قبل أقل من عام اكتشفت أيضا احتفال الشركة بمنتجها رقم (25) من أسماء وأنواع السيارات، ولكنني اكتشفت وللذهول أن في مهرجان (أم رقيبة) (26) جائزة مختلفة لأسماء الإبل وأنواعها وأعداد منقياتها، وهو رقم، وللذهول أيضا، يشكل تماما ضعف منتج AIRBUS التي لم تستطع في براري تولوز سوى إنتاج (13) صنفا حتى اللحظة. ويوم كنت في (تولوز) كانت عيناي تشاهدان بالضبط ما رأيته في (كيوتو) حيث مئات طائرات الخردة.. وآلاف سيارات الخردة على أطراف المصانع في تشليح للمسامير والأسلاك والصفائح الفولاذية من أجل بناء المنتج العصري الجديد إن كان لطائرة A380 أو لسيارة (لكزس). هو مستوى الابتكار نفسه الذي تفعله (أم رقيبة) لأن المعلومة تقول إن المتنافسين يتبارون في الوجبة الواحدة على ذبح (60) قعودا لا تصلح (للمزايين) من أجل عيون ما لا يقل عن 200 ناقة وبعير ستحصد جوائز الهيبة في نهاية المهرجان.

الفارق الأخير شعرت بالبرد القارس في (تولوز) وبالجوع الشديد في (كيوتو)، وهذه محظورات في (أم رقيبة).