سؤال طرحته قبل أكثر من سنة: "هل الإعلام يحتاج إلى حرية، أم الحرية تحتاج إلى إعلام؟" فلم يجب عنه أحد، ولم أكن أنا أعرف الإجابة حتى جاءت على لسان المسؤول عن الإعلام، الأخ الصديق الدكتور عبدالعزيز خوجة، حين قال: "المملكة أطلقت يد الحرية المسؤولة لأبناء الوطن المخلصين من الكُتـّاب والإعلاميين"؛ فقلت: لله درّ مؤسس الحرية الإعلامية المسؤولة في المملكة، المفكر الفذ والقائد عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، يحفظه الله ويرعاه.
دعونا نتحدث قليلاً عن الإعلام لدى الغرب: إننا حينما نطالع الإعلام الغربي نلمس أنه حر، ومسؤول في الوقت عينه؛ لأنه لو لم يكن حُراً ومسؤولاً، لما كان قائماً على خدمة مصالح أمتهم حتى لو جاء ذلك على حساب مصالح أمم أخرى مستضعفة أو غير مستضعفة؛ هذه هي حرية إعلامهم.. وفي الوقت ذاته لا حرية للإعلام عندهم إذا ما كان الأمرُ ضاراً بمصالحهم.
حتى الديموقراطية الغربية التي ليس للعرب نصيب فيها وإنْ طالب الغربُ العربَ بضرورة إرساء قواعدها في بلدانهم لينعموا بالعيش الرغيد في ظلالها؛ إلا أن كثيراً من بلدانهم التي تتربع على عروش الديموقراطية، كفرنسا ـ مثلا ـ وبريطانيا وأمريكا نلاحظ أنها تتيح لشعوبها ممارسة الديموقراطية في الانتخابات بأنواعها، وتشرف ـ أحياناً ـ على بعض انتخاباتنا العربية؛ لكنها حينما تلحظ أن الديموقراطية العربية لا تصب في مصلحة وسلامة أمنهم واستقرار اقتصادهم، فإنه لا مكان للديموقراطية عندهم.. فمثلاً: حينما يتعلق الأمر بفوز حزب عربي لا يتوافق وسياسة مصالحهم، نجدهم يجندون إعلامهم الحر في دحض ديموقراطيتنا غير الحرة.
إن الديموقراطية عندهم تخدم الصغار؛ وعندنا تخدم هي الكبار ليُحرَم منها الصغار.. والحرية عندهم تتزايد مع الديموقراطية؛ وعندنا تضر الديموقراطية بالحرية.. والإعلام عندهم يخدم شعوبهم؛ وعند العرب لم يخدم شعباً بعد؛ إلا أن أمل الشعب السعودي في إعلامه معقودٌ في كلمة مليكهم ـ يحفظه الله ـ ففيها الخير الكثير إن شاء الله تعالى.. وما محاربة الإعلام للفساد ببعيد عن بشائر هذا الخير.
أظن أن الإعلامَ والحرية والديموقراطية هي في النهاية ضرب من الأخلاق السياسية والاجتماعية.. تارة تكون نافعة، وأخرى غير ذلك.
قلت:
لا حرية لشعبٍ بلا إعلام.