أشعر اليوم، وللمرة الأولى من قصتي مع الكتابة، بشعور جارف للكتابة بالعامية الدارجة. بالبلدي السائد المفهوم لأن الموضوع لا يحتاج لأكثر من الضحك وكثير من "الطقطقة". يقول التقرير الصحافي الرائع على صفحات الاقتصاد في هذه الصحيفة بالأمس إن مصلحة الإحصاءات العامة قدرت في تقريرها الأخير أن عدد "العاطلين" من العمل في هذا البلد يبلغ "629" ألف مواطن.
طيب.. سؤالي: كيف حسبتوها ووفق أي معيار إحصائي وتبعاً لأي استبيان وما هي قواعد "الكذبة الكبرى" التي لم تسمح للتقرير لأن يقول إن عدد العاطلين من العمل يبلغ "629617" بدلاً من الاكتفاء العفوي بثلاثة أصفار إلى يمين ثلاثة الأرقام اليسارية؟ (ليش ما تقفولها بالأصفار ونخلص...)؟ هنا تبدأ المصارحة: في المرة الوحيدة التي جاء لبيتي مندوب الإحصاء كان يسألني: كم عدد أجهزة التلفزيون في المنزل؟ قلت ولله الحمد، خمسة أجهزة بسبعة "ريسيفرات" على السطح. كم عدد العمالة المنزلية في المنزل؟ قلت له: سائقنا وزوجته. كانت هذه الزيارة الإحصائية قبل أن ينفجر في بيتي "عاطلان" من العمل، فلم أجد لهما فقرة سؤال في استمارة مندوب الإحصاءات العامة الذي كان يسأل عن أجهزة التلفزيون ورقم العمالة المنزلية. قبل أن أكتشف فيما بعد أن شارعي القصير جداً جداً تسكن به خمس أسر سعودية بـ"ثلاثة عشر" عاطلاً من العمل رغم شهاداتهم الجامعية. ومع هذا، وللنكتة أيضاً، لازال بشارعنا القصير.. جداً.. جداً.. ثلاث "أراض" فارغة بانتظار سبعة "عاطلين" من العمل بشهاداتهم الجامعية بحسب نسبة شارعنا نفسه هذا المساء.
خلاصة القول: ياجماعة... لا تكذبوا علينا. إذا كانت أرقام "حافز" تقول إنها تدفع اليوم أكثر من مليون ونصف "بدل" للعاطلين، فلماذا تختصرون رقم البطالة إلى الثلث؟ إذا كنا في بيتي الصغير جداً نواسي، ولله الحمد، عاطلين اثنين من أصل ستة أفراد في هذا المنزل، فلماذا لا تقولوا لنا إن ثلث الشعب على طابور البطالة؟ خلاصة الموضوع: عدت فجر البارحة من منزل عائلة حول "قوز الجن": بنتان وولدان بشهادات جامعية يعيشان على خراج "المنش والخمير" لأم تبيع منتجها على الشارع العام.