الهجوم الكبير ضد نوعيات ومستويات النتاجات والإصدارات الجديدة لشباب ونجوم مواقع التواصل وآخرين في مجالات أخرى، التي تعالت ساخرة وبروح استهزائية تكشف وجود وصايات أدبية وشرطة كتابية تحاول أن تقول للآخرين ماهية ما يكتب وما لا يكتب، وأن هناك نماذج جاهزة قالبية يجب اتباعها للنشر والكتابة.. محاولات التتفيه وروح الاستعلاء والمقارنات والشتائم أحيانا تقول إن الكتابة التي هي الفضاء الحر للإنسان، كما الأفكار، يجب أن تدخل إلى حظائر خيالية حتى يمكن التعامل معها وأخذها على محمل الجد. صحيح أن منطلقات أخلاقية ودوافع صادقة خلف حملات النقد الساخرة ضد النتاجات الجديدة وهذا ما افترض، لكن هذا لا يعطي الحق كاملا بأن يمارس هذا القصف الثقيل والمكثف لكل من حاول طرح أفكاره وإشاعتها والتعبير عنها. السذاجة نسبية والسطحية نسبية، والإبداع نسبي، وما تراه أنت جميلا ربما يراه آخرون غير ذلك، وبالتالي ما تراه إبداعيا ربما له وجه آخر وقصص وآراء أخرى تعيدنا إلى أول مبادئ النقد.

لا أحاول هنا إطلاقا رفع مستوى تلك النتاجات وتبجيلها وبالتالي مقارنتها بأعمال أخرى من مراحل سابقة وحالية، وبالتالي تطبيق مسطرة نقدية دقيقة على كل النتاجات والتعامل معها بجدية أكثر.. لكن أن تتحول الكتابة إلى خيار أجيال شابة جديدة فهذا شيء إيجابي ومبهج، بعيدا عن المستويات التي هي حتما متباينة وشديدة الاختلاف، مبشر كثيرا أن تكون الطباعة والنشر وقبلهما الكتابة حتى لو كانت ذات أبعاد بوحية ومباشرة وحسية وساذجة إلى منقذ ومنفذ لأجيال جديدة طالما انتقدنا انشغالها بالماديات وعوالم التقنيات واهتمامات أخرى نظنها غير جادة وأصيلة، كما لا يظن ظان أن هناك فصلا وانعزالا بين مستويات ما يقدم عربيا في كل الدول وما بين ما يقدم هنا. أغلب النتاجات الشابة هناك في الدول العربية كما هنا على هذه المستويات وما حولها. هم يعانون كما نعاني من ذات الإشكالية. إنها مرحلة واحدة وموجة مترابطة تأثرت بمؤثرات متشابهة فبالتالي كانت نتيجتها متشابهة على الأرجح. لا أحد ينوح أو يبكي، لا أبوات نقدية في الكتابة كما في الخيال كما في الأفكار جميعنا متساوون ولنا ذات الحقوق، والكتابة حق يشترطها ويطرحها وينفذها ويفلسفها وينجزها صاحبها.