لم تكن نار التقارير والحوارات التي انفردت بها "الوطن" مع زعامات الأقليات المضطهدة في إيران، بردا وسلاما، ولم تمر تصريحات قائد جيش العدل صلاح الدين فاروقي مرور الكرام على نظام طهران، فبعد أيام قليلة من نشر تصريحات فاروقي، صدر بيان من الحرس الثوري الإيراني يحمل لغة غاضبة ومهددة للإعلام السعودي من تسليط الضوء على الأقليات في إقليم الأحواز، فضلا عن أن جيش العدل يعد منظمة إرهابية. في حين نفت طهران ما ورد على لسان فاروقي من أن إسقاط الطائرة الإيرانية كان على يد قواته، مؤكدة أن خللا فنيا هو السبب.

وفيما تواصل الصحيفة منذ أسابيع نشر ملف الممارسات غير الإنسانية بحق الأقليات العرقية والمذهبية في إيران، ومنها ما نشرته من لقاءات موسعة مع قيادات تلك الأقليات، تلقى رئيس التحرير أمس خطابا من المنظمة الوطنية لتحرير الأحواز "حزم"، جاء فيه "لا ريب أن الشعب العربي الأحوازي يسجل لكم هذا الموقف العربي البطولي، بمنتهى الفخر والاعتزاز، خاصة أن وسائل الإعلام العربية التي تتناول قضيتنا العربية الأحوازية من مختلف جوانبها وزواياها تعد قليلة، في مقابل المروجين للمشروع التوسعي الفارسي".

 




لم يكن الحديث الموسع الذي أجرته "الوطن" الأسبوع المنصرم، مع قائد جيش العدل صلاح الدين فاروقي، المناهض لسياسة نظام الملالي في طهران، والذي أوقع طهران في شراك أمام الرأي العام الإيراني، على خلفية تضليلها الشارع الإيراني، برداً وسلاماً على دوائر السياسة الإيرانية، التي خرجت وإن بشكل "مُبطن"، مهددة الإعلام السعودي من مغبة تسليط الضوء على الأقليات المضطهدة في إقليم الأحواز، والبلوش، وغيرهم.

وسارعت طهران على خلفية الحديث، لنفي نبأ إسقاط الطائرة على يد قوات جيش العدل، تفادياً للحرج أمام الرأي العام الذي استشعر الاستخفاف به من قبل السلطات الإيرانية، لتعود مرة أخرى وتؤكد روايتها الأولى، التي تفيد بأن الطائرة سقطت بسبب خللٍ فني.

وفي تبعات الأمر، صدر عن الحرس الثوري، بيان حذر – مُبطناً - وسائل الإعلام السعودية من تغطية أخبار جيش العدل، باعتباره وفق المنظور الإيراني منظمة إرهابية، فقط لأنه يبحث عن حرية الأقليات في إيران وكشف وفضح ممارسات نظام الملالي أمام أنظار العالم.

وفي التفاصيل، فقد كان الوقع الأكبر على طهران، حين كشف فاروقي في حديثه مع الصحيفة، أن جيش العدل هو من أسقط طائرةً إيرانية في بلوشستان وذهب ضحية الحادث عدد من الجنرالات الإيرانية، اعترفت طهران حينها بسقوطها، لكنها قالت إن سبب السقوط كان خللاً فنياً، ما عارضته معلومات فاروقي، الذي أكد صراحةً أن جيش العدل هو من أسقط الطائرة، ما قاد السلطات الإيرانية لنفي الخبر، وعلى لسان أحد كبار القادة الأمنيين "العميد أحمدي مقدم".

ويبدو أن السياسة الإيرانية لم تعتد على تسليط الضوء من قبل وسائل إعلام خليجية، وسعودية، ونشر ما يشهده الشارع الإيراني من تجاوزات "أخلاقية وإنسانية"، لكن الصدمة الأكبر كانت عبر "الوطن"، التي مازالت تواصل نشر حلقات متواصلة، عما تتعرض له الأقليات العرقية في إيران من ظلم واضح وقمع على أساس مذهبي على يد الجهات الأمنية والمخابراتية الإيرانية.

وتجد طهران حساسيةً كبرى في الدخول بدهاليز ملف الأقليات، الذي كانت له المساحة الكبرى في ملفات الصحيفة، حين نشرت لقاءً موسعاً مع عدد من قياداتها، بالإضافة إلى منظمة بيجاك الكردية، التي هزمت هي الأخرى الحرس الثوري، وقتلت 700 من عناصره في إحدى المعارك الطاحنة التي دارت في وقت سابق.

ويجد الباحث في الشأن الإيراني عايد الشمري، أن النظام الإيراني يعيش "وهلة الصدمة"، حيث لم يعتد على فتح ملفات مسكوت عنها حسب رؤيته، ويعتبرها خطاً أحمر، ومنها الملفات التي فتحتها "الوطن"، كالبحث عن الحقيقة في قضية الأحواز، والبلوش، والعرب، والكرد المضطهدين في إيران.

في المقابل، تلقت "الوطن"، خطاب شكر وامتنان من قبل المنظمة الوطنية لتحرير الأحواز "حزم"، التي أثنت فيه على القومية العربية التي انتهجتها الصحيفة في فتح هذه الملفات، والوقوف إلى جانب المستضعفين، المنهكين في إيران، جراء سياسات مذهبية طائفية، تقصي الآخر على أساس مقيت.

وقالت المنظمة في خطاب تلقاه رئيس التحرير أمس "لا ريب أن الشعب العربي الأحوازي، يسجل لكم هذا الموقف العربي البطولي، بمنتهى الفخر والاعتزاز، خاصة أن وسائل الإعلام العربية التي تتناول قضيتنا العربية الأحوازية من مختلف جوانبها وزواياها تعد قليلة، وفي المقابل فإن مئات وسائل الإعلام من قنوات تلفزة ومواقع رسمية إيرانية عربية وفارسية وإنجليزية على شبكات الإنترنت، وصحف يومية وأسبوعية ومجلات تروج ليلاً نهاراً للمشروع التوسعي الأجنبي الفارسي في الوطن العربي، وفي ذات الوقت فإنها تعمل على إذكاء الصراعات والفتن الطائفية المنبوذة في الوطن العربي".

ومضت "حزم" تقول في خطابها المؤرخ بتاريخ يوم الاثنين الماضي "تحيي منظمة تحرير الأحواز صحيفة الوطن الغراء بإطلالتها المتميزة ومنحها أشقاءهم الأحوازيين الحرية الكاملة بدون سقف لطرح القضية العربية الأحوازية على الشعب العربي السعودي الشقيق، وبقية الأشقاء العرب في المغرب والمشرق بشكل عام".