"لسنا قانعين بما عملناه حتى الآن". كان هذا تعليق خادم الحرمين الشريفين على التقرير السنوي لمؤسسة النقد العربي السعودي وهو أبلغ تعليق يمكن تصوره على الاقتصاد خلال الفترة التي تولى فيها الدكتور محمد الجاسر رئاسة أهم بنك مركزي عربي.
مؤسسة النقد "ساما" هي أكثر الجهات الحكومية التي لا تتجاوب مع الإعلام وبالتالي لاينتقدها الاعلام. ومحافظها هو أقل الشخصيات الحكومية حديثا وتواصلا مع الصحافة المحلية.
لا أحد ينتقد "ساما" لأنها تعمل خلف أبواب مغلقة ولا أحد يستطيع الحصول على رد من أي مسؤول فيها وصفحات الصحف تشهد على ذلك.
وفي الحقيقة نحن لا نسمع من المحافظ سوى أن سياسات المؤسسة "حصيفة" في تصريحات تنشر غالبها في وكالات الأنباء العالمية.
وهاهو يكرر وصفه لسياسات المؤسسة "بالحصافة" هذا الأسبوع بعد تقديمه تقرير المؤسسة السنوي لمقام خادم الحرمين الشريفين.
لا أحد ينكر أن سياسات "ساما" حصيفة؛ ولكن هل كل هذه السياسات كانت حصيفة؟ هل يعقل أن "ساما" لم تخطئ حتى الآن أي خطأ؟ حتى لو أخطأت "ساما" فكيف سنعرف فهي تعمل خلف أسوار عالية وأبواب مغلقة.
لن أتطرق إلى العديد من الموضوعات ولكن سأسأل المحافظ وأتمنى أن أجد لديه رحابة الصدر، إذا كانت ساما تقوم بدور إشرافي كبير على المصارف السعودية فلماذا ارتفع الإقراض بنسبة 27% في العام قبل الماضي والكل يعلم أن البنوك توسعت في الإقراض والمنطقة كانت تمر بفقاعة مشاريع عقارية؟
ألم تر المؤسسة أن غالبية هذه الأموال التي اقترضها القطاع الخاص هي لمشاريع من المحتمل أن تتوقف مع الأوضاع الاقتصادية العالمية المضطربة؟
أليس من المفروض أن تكون العدسة التي ترى من خلالها المؤسسة أكبر من عدسة المصرف الذي لا يهمه سوى الحصول على الفائدة والتاجر المستعد للمخاطرة بأموال المصرف؟
لماذا كان الإقراض في المملكة مبنيا على "الاسم والسمعة" ولماذا تغيرت هذه السياسة بعد أزمة الديون المتعلقة بمجموعتي القصيبي وسعد؟
وبالحديث عن أزمة القصيبي وسعد، فقد صرح المحافظ أمس في الكويت لوكالة بلومبيرج بأن حل أزمة الديون ليس من اختصاص المؤسسة.
هذا جميل، ولكن بحسب علمنا فإن مؤسسة النقد عضو في لجنة حكومية تم تشكيلها للنظر في الأزمة، وإذا كانت المؤسسة غير معنية بالحل فعلى الأقل أرجو أن تخبرنا عن مرئيات اللجنة وما ملاحظاتها على أكبر أزمة ديون عائلية في تاريخ الخليج.
ليست المسألة هجوما على مؤسسة النقد التي كلنا لا ينكر مدى تطور العمل فيها ومدى كفاءة رجالها ولكن لا يعقل أن تعمل مؤسسة في مملكتنا بعيدا عن أعين الإعلام والناس.
ومن حقنا أن نعرف الأخطاء ونطالب بحلها ومن حقنا أن نطالب بإجابات لأسئلتنا الحائرة في القطاع المصرفي خاصة مع تزايد الديون المتعثرة ومخصصات البنوك.