عندما يموت ابن آدم لا يذهب أحد لإشعاره بأنه مات فهو في الأصل ميت لا يشعر. نفس الطريقة يمارسها الإعلام في هذه الأيام مع مسؤولي الطرق بمنطقة عسير الذين ما لم يخافوا على المناصب أو الرواتب فلن تحيا ضمائرهم.
طريق الموت كما يعرف هو الطريق الرابط بين مدينة أبها ومحايل عسير ومن ثم بحر أبوسكينة الحريضة بطول ما يقارب مئة وسبعين كيلا يحصد ضحاياه بالساعة في ظل صمت عجيب يمارس من قبل الكثيرين من المعنيين بهذا الموضوع. كان من المفترض حسبما نقرأ في الوسائل الإعلامية أن تتم ترسية مشروع ازدواجية هذا الطريق على الشركة المنفذة في شهر شعبان الماضي، ثم فاجأنا الخبر بأنها تأجلت إلى شهر شوال الماضي.. ثم تأجلت.. ثم اختفت أخبار هذا المشروع.
إدارة الطرق بمنطقة عسير مسؤولة أمام الله عز وجل عن كل قطرة دم وعن كل قطرة دمع على فقيد. خلال أسبوع واحد فقط ست وفيات، أحد هذه الحوادث المرورية المفجعة حضرته أنا ورأيت بعيني أشلاء من صاحب سيارة صغيرة محتجزة في الشاحنة التي كانت الطرف الآخر في الحادث.
لا نطيق أن نرى أعداءنا يموتون بهذه الطريقة فما بالك بإخواننا وأبنائنا وأقاربنا. أملك من القصص المأساوية الكثير، ولكنني تقديرا لمشاعر كل من فقدوا غاليا على هذا الطريق لن أذكرها.
إدارة الطرق بمنطقة عسير لها مع عدم التجاوب قصص لعلي أعرج على إحداها. وهي أن قريتي التي تحلم بالأسفلت تترنح في الأولوية لسفلتتة طريقها منذ ست سنوات، ولم تستطع أن تتحرك رقما واحدا في هذه الأولوية. ولهذا فمرضانا يموتون قبل الوصول إلى المراكز الصحية والمستشفيات. وإدارة الطرق تشكر جهودها على أننا في الأولوية رقم ثلاثة وثلاثين منذ ما يقارب ست سنوات! أخيراً إلى الإخوة الإعلاميين في الصحف سواء الورقية أو الإلكترونية هل لكم أن توقظوا ضمائر ميتة وليست نائمة أو أن تفتحوا عيونا هي لا تريد أن ترى.
نناشد أمير المنطقة حفظه الله ورعاه التدخل العاجل لإنهاء هذه المعاناة التي يتمت الأطفال ورملت النساء وأبكت العيون.