شدد رئيس لأحد مراكز البحوث والدراسات في المنطقة الشرقية على ضرورة عدم الالتفات إلى ما وصفه بـ"الهرطقات الإيرانية"، فيما يخص الحكم القضائي الابتدائي الصادر بحق نمر النمر، في المقابل أكد أحد أئمة المذهب الشيعي في السعودية أن المواطنين من المذهب الشيعي لا يمكن أن يميلوا للاستقواء بالقوى الخارجية.

وأوضح الإمام والخطيب الشيخ جعفر محمد الربح لـ"الوطن"، أن الأراضي السعودية والسيادة للوطن، فوق الجميع بغض النظر عن كون الحكم صادرا بحق أحد أبناء العوامية، مضيفاً "بعيدا عن الحكم، هناك مصلحة عليا مقدمة على كل المصالح الشخصية ألا وهي مصلحة الوطن، وبالتالي نحن قدمنا مصلحة الوطن على كل شيء، كيلا نجعل فرصة للأعداء ليخلقوا نوعا من الفرقة بيننا وبين ولاة أمرنا، وفي مثل هذه الحالات لا بد أن تسود لغة المنطق ولغة العقل في هذه الظروف الصعبة".

تسييس القضية مضر بـ"النمر"

من جهته أشار كاتب الرأي ورئيس مركز للدراسات والأبحاث في المنطقة الشرقية الدكتور محمد المسعود، إلى أن المتضرر الوحيد من تسييس القضية المنظورة شرعا هو المحكوم النمر ذاته، مردفاً بالقول: "أولا هذا حكم ابتدائي غير صالح للنفاذ ولم يكتسب القطعية بعد، ولدينا قضاء مستقل، وسبق أن أصدر أحكاما مماثلة ومحكمة الاستئناف بدون تدخل من الشارع وبدون تدخل من الخارج وبدون تسييس مسار الدعوى، لم يطمئن ضميرها إلى الحكم الابتدائي في قضايا سابقة، ونقضت الحكم وهذا حدث قبل شهر تقريبا في قضية لأحد أبناء العوامية".

وقال المسعود لـ"الوطن": "أي تدخلات في مثل هذه الملفات تعتبر جريمة بحق المحكوم، واختطافا للحكم القضائي للتجاذبات السياسية، وهذا يخلق أزمة للمحكوم بشكل رئيسي".

تعزيز اللحمة الوطنية

وبالعودة إلى الربح الذي يقول "قبل فترة من الزمن تم إصدار حكم إعدام ابتدائي بحق ابني، وكان لدي قناعة وإيمان وهذا موقف مبدئي واستراتيجيتي، وليس كإجراء تكتيكي مرحلي لكن في الواقع هذا مبدأ، مهما تغيرت الظروف نحن مستمرون في تعزيز اللحمة الوطنية، نستطيع التواصل مع ولاة أمرنا بوسائل ميسرة".

مساحة العفو السعودية

وبالعودة إلى المسعود أكد أن المملكة لا تقارن بإيران في مساحة العفو، مشيراً إلى أن العفو في المملكة يلقى مساحة أوسع منها في طهران، مضيفاً "ولاة أمرنا يتعاملون بالعفو مع الجميع في كثير من الحالات بعيدا عن المذهبية أو الحسابات العرقية".

لا للاستقواء بالخارج

وفي شأن التعاون مع الخارج، يقول الشيخ الربح "بعد الحكم على ولدي قلت إن مبدأنا التواصل مع مصدر القرار أولا وآخرا، وعدم الاستقواء بالخارج مهما كانت الظروف، وبدون أي تدخلات من أي طرف كان، ودون أن نستقوي بدولة خارجية. سلوك التدخلات الخارجية ما هو إلا لعبة مصالح وكل دولة تبحث عن مصالحها وكل دولة تستخدم أوراقها للضغط على دولة أخرى أو جلب مصلحة أو دفع مضرة".

وستدرك الربح حديثه قائلا: "لكن هذه سياسات دول ولغة السياسة هي لغة مصالح وتجاذبات، ونحن منذ البداية مشاكلنا واختلافاتنا نتحدث بها مع ولاة أمرنا ولدينا طريقة وهي التواصل مع أصحاب القرار وعدم اللجوء إلى أي وسائل للضغط أو الاستقواء بالخارج".

محرم دولياً

بالعودة إلى الدكتور محمد المسعود أوضح أن أصل تناول أي حكم قضائي قبل اكتساب القطعية هو إجراء محرم دوليا لأنه يخل بشروط العدالة، ومعنى الحديث عن حكم ابتدائي من دولة أجنبية على دولة ذات سيادة في الأمم المتحدة لها قانونها وسيادتها على مواطنيها ونظامها العام على كل مواطنيها، دون النظر إلى الهوية المذهبية، استناداً للهوية الوطنية فقط، هذه الهوية هي التي تجعلنا أمام القضاء واحدا، وأقول إن تلك التدخلات يجب ألا تتعامل المملكة معها ببراءة.

تسييس ليس بالصدفة

وأضاف المسعود "نحن في أمن وحولنا دول ملتهبة وهناك دواعش يتربصون بنا، ونحن مستهدفون بمشروع الفوضى الخلاقة، ويبدو أن هناك تركيزا على المملكة في الوقت الحاضر، ونشعر بقلق من حيث إن هذا التسييس ليس بالمصادفة، وهذا الحجم من استغلال هذا الظرف في الحكم الصادر بحق النمر يجب ألا نتعامل معه بشكل بريء على اعتباره حكما ابتدائيا، لو أن الحكم اجتاز مرحلة الاستئناف واكتسب القطعية وأصبح صالحا للنفاذ، آنذاك نستطيع أن نقول ردود الفعل هذه لها مبررات، لكن حكم ابتدائي وهو لم يكتسب القطعية للنفاذ، هنا نقول لماذا كل هذه البيانات التي تضخها إيران عبر وسائل الإعلام؟.

القضاء لا يدار من الشارع

ويمضي الدكتور محمد المسعود بالقول "نؤمن بالدولة ومؤسساتها العدلية، ونؤمن أنه من شروط العدالة عدم التأثير على القضاء والدخول في التجاذبات، لأننا إذا خرجنا إلى الشارع في الصراخ باتجاه تأييد النمر فسيخرج في الشارع آخرون يطالبون بقتله، وبالتالي لا يمكن أن تدار الأحكام القضائية من خلال الشوارع أو البيانات السياسية. لا بد أن نستوعب المرحلة استيعابا صحيحا وأن نكون أكثر وعيا وإدراكا بالمخاطر الرئيسية، وأي حكم قضائي لا يجوز للإعلام أو السياسة التأثير على قناعة القضاء فيه، ما دمنا نؤمن به كمواطنين".

سد ثغرات

الشيخ جعفر الربح يرى أن "الأطراف التي تدخل على الخط بخطاباتها السياسية، ربما تستغل بعض الثغرات الموجودة لإثارتها، وبالتالي تحقق بعض المطامع أو الأمور التي تسعى إليها لأنها لعب سياسية كما ذكرت، ونحن كمواطنين من الواجب علينا ألا ندع هناك ثغرة لدخول الأعداء، كما أن هذا واجب المسؤولين أيضاً، وهذه ليست قوة في الطرف الآخر لكن هذا ضعف منا نحن، ولدينا ثغرات لا بد أن نسدها كمواطنين وكمسؤولين كل يقوم بدوره".

مجرمون مندسون

وحول التجاوزات التي وقعت في العوامية وتضرر منها رجال الأمن، أكد الشيخ جعفر الربح أن هؤلاء شوهوا الصورة الحقيقية لأبناء العوامية المتعلمين، مشيراً إلى أن من يقومون بهذه التصرفات مندسون وهم مجرمون، مضيفاً "استخدام السلاح مرفوض كمبدأ وكقانون. هذا مرفوض أن تندس مجموعة من المشبوهين لتشويهنا باستخدام السلاح في وجه الدولة والناس أو محاولة استخدام وسائل العنف".

وأردف الربح قائلاً: "كل أهالي القطيف والعوامية يرفضون هذا المبدأ، وما نشاهده من تعد على المواطنين ورجال الأمن من المندسين الذين يدخلون على الخط للتشويه، نحن ضد هذه السلوكيات إطلاقا، لدينا ولاة أمر يستقبلون مطالبنا بسياسة الباب المفتوح، وتشويه المطالب والدخول على الخط باستخدام الأسلحة أمر حدث في بلدان عربية عدة، تحولت إلى دول منكوبة في نهاية الأمر، راح ضحيتها مواطنو تلك الدول، وهذا نوع من الاستغلال السيئ لتشويه صورة أبناء المنطقة وصورة الوطن".

وأشار الربح إلى أن الشواذ أمر موجود في أي مجتمع قد يكون لا يذكر. هؤلاء نماذج خارجة عن القانون، معتبرا المعتدين على رجال الأمن أنهم شواذ لا يذكرون ولا يمثلون إلا أنفسهم وهم مجرمون ولا بد أن يطبق عليهم القانون كأي مجرم، رافضا أن يقدم أبناء العوامية والقطيف على أنهم مجموعة من المجرمين.

المبتغيات الإيرانية

من جهته أوضح الدكتور المسعود أنه من الواجب على المواطنين ألا يسقطوا ضحية لهذا الاستدراج، ولا بد أن يكونوا يقظين للمشروع الأكبر الذين يريده أعداء الوطن ببلادنا، مضيفاً "لا أريد أن تستخدم الطائفة الشيعية لإثارة الفوضى في المنطقة. لا بد أن نسيطر على ردود أفعالنا وعدم الاستدراج خلف المبتغيات الإيرانية".