في بحر الأسبوع الماضي، استمعت واستمتعت بفيلم وثائقي على قناتنا السعودية الرسمية عن "مركز الملك فهد لأورام الأطفال"، وفي الوقت ذاته أشعر بالعتب الشديد لأن الفيلم انتهى تماماً دون إشارة شاردة لشخصية وطنية مثل الدكتور ناصر بن إبراهيم الرشيد، لأنه الذي بنى كل طوبة وتبرع بمساحة كل متر واشترى كل قطعة جهاز في هذا الصرح الطبي. أنقل عتبي إلى جهاز هيئة الإذاعة والتلفزيون، وإلى إدارة مستشفى الملك فيصل التخصصي لأنهما تغافلا عن هدية وهبة رجل أعمال سعودي مثل ناصر الرشيد إلى أهله ووطنه لما يزيد اليوم عن ثلاثين عاماً، تم خلالها علاج آلاف الأطفال من هذا المرض الخبيث بنسبة نجاح مذهلة.

وأنا اليوم لا أكتب ناصر الرشيد، بل أكتب جمال الأفكار التي فتحت آلاف نوافذ الأمل ورسمت البسمة على شفاه آلاف الأسر السعودية التي خرجت من هذا المركز بأمل واسع وبسمة زاهية. قصة المركز الأساسية أن ناصر الرشيد ابتلي فجأة في أحد أطفاله فهاجر به إلى "مايوكلينك" واستغرق عاماً كاملاً ليخرج ابنه سالماً، ولله الحمد، من هذه المأساة الأسرية. قرر يومها أن يحصل كل طفل سعودي على الفرصة ذاتها في قلب عاصمة وطنه، ولهذا قرر أيضاً نقل تفاصيل المبنى الأميركي الهندسية نفسها وشراء الأجهزة الطبية ذاتها لتفعيل "البروتوكول" ذاته. ومرة أخرى، فأنا اليوم لا أكتب ناصر الرشيد بقدر كتابتي لجمال الفكرة: تخيلوا لو أن رجل الأعمال المليارديري الآخر قرر ازدواج 30 كيلاً من الطريق ذاته الذي مات به ولده في حادث مروري.. كم سيكون لدينا من الطرق المزدوجة؟ لو أن ثالثاً من هؤلاء الأثرياء قرر بناء كلية جامعية في قلب الجامعة التي تخرج فيها ثلاثة من أولاد، يديرون اليوم إمبراطوريته التجارية! لو أن رابعاً من هؤلاء الأثرياء بنى مشفى مكتملاً لغسيل وزراعة كليتيه لأن المشفى الحكومي أنقذ ما تبقى له من الحياة بوسائل كريمة! لو أن كل ملياردير من إخوتنا قرر مثلما فعل ناصر الرشيد، تحويل قصته الخاصة إلى فعل وعمل وطني ضخم لكان لدينا اليوم أكثر من 300 قصة كبرى تستحق الإشادة والشكر. انقطع الاتصال بيني وبين ناصر الرشيد لأعوام طويلة ولكن: الذي أرسل لي رابط الفيلم ليس إلا صديقا قديما نجا طفله من العذاب بفضل فكرة قديمة.