المطالبة بالحقوق، حق من "الحقوق". والمطالبة بالحقوق لا تعني جواز كسر النظام!

ليس من حق أحد أن يشكك في نوايا فتاة تطالب بحقها في قيادة السيارة، حين لا تعتدي على النظام ولا تكسر هيبته علانية، لكن حين تكون طريقة المطالبة تعديا على النظام فهي مرفوضة مهما كانت الحاجة لذلك المطلب.

ليس من حق أحد أن يشكك بوطنية فتاة لأنها طالبت بقيادة السيارة، كما أنه ليس من حق أحد أن يشكك في أنها اعتدت على نظام بلدها؛ لأنها فعلا اعتدت على النظام.

لجين أعلنت أنها ستكسر النظام بقيادة سيارتها منطلقةً من دولة الإمارات لتدخل السعودية عبر المنفذ الحدودي بسيارةٍ تملكها، ثم تجاوزت المنفذ الإماراتي وعلقت في المنفذ السعودي لأكثر من 24 ساعة أصرت خلالها أن تواصل المسير كاسرة النظام، ويبدو أنها اضطرت الأمن إلى إيقافها، فماذا كان سيحدث لو أنها عادت بعدما سجلت موقفها بوصولها إلى المنفذ الحدودي السعودي الذي رفض دخولها؟ لو حدث ذلك لكان يمكن أن تكون قصةً صحفيةً وضيفة على كثير من البرامج التلفزيونية. لكن ماذا حدث غير أنها أصرت وأصرت وجاءها العون فزاد الإصرار حتى وقع "الفأس بالرأس"؟

أدرك جيدا أن أي إنسان عاقل واع بالغ يُقدم على فعلٍ ما بحريته وإرادته يجب أن يتحمل تبعات فعله مهما كانت قاسية، وأظن لجين قادرة على أن تتحمل تبعات وأتعاب مغامرتها الجريئة.

قيادة المرأة للسيارة كانت قضية القضايا، فالكثير يطالب بها، ومع ذلك فإن الدولة لم توقف سيدة تقود سيارتها إلا اللاتي أعلن مسبقا أنهن سيكسرن النظام، والكثير يعرف سيدات لا يعرفن "تويتر" ولا "كيك" ولا "أنستجرام" يقدن السيارات ولم يعترضهن أحد، وقد نشرت عام 1426 في الصفحة الأولى من هذه الصحيفة قصة صحفية عن سيدة تقود سيارتها بالصور، ولا تزال تلك السيدة تقود سيارتها ولم يعترضها أحد. ودائما نرى سيدات في بعض القرى يقدن السيارات بهدوء ويتجاوزن الدوريات الأمنية بسلام ودون اعتراض، ودون أن يدركن أن ما يقمن به مثار جدل كبير.

وما زلت أصر أن الحقيقة تقول: شوارع المدن الكبرى تشكو الزحام والفوضى، ونصف المجتمع لم يقد سياراته بعد، وفي المدن الصغيرة المرأة لا تستطيع أن تركب "السيارة" وحدها حتى لو سمح لها بالقيادة.