هنا يسأل الناس عن حكم النوم في أثناء العمل، وكأن الأمر في حاجة إلى فتوى. وهناك تهيء الشركات الكبرى أماكن خاصة لموظفيها للنوم لمدة نصف ساعة. حيث يدخل الموظف غرفة صغيرة ويقوم بإغلاق الباب، ثم يستلقي في قيلولة سريعة يستعيد خلالها نشاطه وحيويته، ومن ثم يستأنف عمله بنشاط وحيوية و"نفس مفتوحة". وهنا يفتح الموظف شاشة الكمبيوتر بحثا عن فتوى تجيز له غفوة قصيرة على سطح المكتب!

هناك يتعاملون مع مؤسسة العمل كبيئة، ويهيؤون لها المقومات الكاملة، فيشعر الموظف أنه يعمل في بيئة صحية تراعي إنسانيته وتتعامل معه كإنسان، لا كـ"رجل آلي"!

الذي أود الوصول إليه أن إدارة العمل ـ أيا كانت ـ هي بيئة. بيئة عمل. وكل بيئة لها مقومات خاصة بها. يجب أن نتعامل معها برؤية مختلفة، وحكم مختلف، تبعا لرسالتها وأهدافها وغايتها.

فكيف حينما نتحدث عن "المدرسة". نحن هنا نتحدث عن بيئة مختلفة جذريا عن غيرها من بيئات العمل الأخرى. بل حتى عن المجتمع الخارجي!

قبل أيام تنادى البعض بمعاقبة اثنتين من منسوبات إحدى مدارس البنات، لقيامهما بالرقص مدة تقل عن 10 ثوان، وذهب البعض الآخر إلى تفسير هذا التصرف على أنه ضياع و"عيب وشق جيب" وتحولت الحكاية إلى قضية رأي عام!

شاهدت المقطع فلم أجد فيه اختلاطا، ولا تكلفا، ولا تعمدا. سلوك فطري معتاد، في وسط نسائي بحت، يعبر عن الفرح، والمرح، والرغبة في كسر الملل والرتابة. ما الذي يريده الغاضبون؟!

هل يريدون تحويل المدارس إلى مقابر؟. هل يريدون تحويلها إلى أحجار صامتة؟. هل يريدون تحويلها إلى سجون ومعتقلات؟. هل يريدون تحويلها إلى ثكنات عسكرية؟

ثم وهذا هو السؤال المهم: هل الاعتراض على الرقص أم مكان الرقص؟ وفي كلتا الحالتين ألم يرقص الأحباش أمام نبي الرحمة والإنسانية عليه الصلاة والسلام في مسجده، ولم ينكر عليهم؟!

ما لكم كيف تحكمون؟!