استفزني إيجابيا حضور الشعب اليمني الشقيق لدعم فريقه في "خليجي 22" كما استفز الكثير غيري في مواقع التواصل الاجتماعي، فمنهم من قال: "برغم الظروف كلها، يبقى اليمنيون أهل "هوية" ضاربة في عمق التاريخ، ومتجذرة في الأرواح.. الجمهور الرياضي اليمني أكبر دليل"، و: "المدرج السعودي مخجل أمام جماهير استخدمت كل سبل المواصلات لتصل للملعب لمؤازرة منتخب بلادها"، و"بصراحة حضور جمهور الأشقاء اليمنيين في مباراتهم مع قطر مهيب ومشرف لوطنهم، أتمنى نساند الصقور الخضراء"، و: "ظروف الغربة صعبة وظروف بلادهم أصعب ولكن مع ذلك هم الرقم الصعب في البطولة وملحها وأساس حلاوتها جمهور اليمن ومنتخبه الرائع"، و"جمهور اليمن يعلمون أن منتخبهم ليس منافسا ولا أمل له. ومع ذلك حاضرون بكثافة أكثر من البلد المستضيف. هذي هي الوطنية الحقيقية"، و"أيها السعوديون: فتّشوا في أرواحكم عن شيء يشبه ما تكتنزه أرواح هؤلاء الرائعين".
لن يتسع لي المجال لسردها جميعها هنا، لكنني أتمنى أن تتسع لي عقولكم قبل قلوبكم لطرحي.
أتذكرون الحضور الجماهيري غير المسبوق لجمهور الهلال في نهائي كأس آسيا؟ أتذكرون مناظر المفترشين عند بوابات الإستاد في الليلة السابقة للمباراة؟ أتذكرون امتلاء جميع مقاعد إستاد الملك فهد بعد فتح أبواب الملعب بساعتين؟
جميع هذه الصور، جعلتني وغيري ممن ليس لهم اهتمام بكرة القـدم نحرص على المتابعة لمعرفة ما سر هذا العشق؟ العشق الأزرق الذي كفر أناسا وشكك في وطنية آخرين، وعلى جميع المستويات من: مسؤولين، ورجال دين، إلى رجل الشارع البسيط.
لم أكن أرغب وقتها في تصديق ما قيل عن الوطنية، وكل هذه الضجة التي أثيرت ظناً مني بأنها "بروبقاندا" إعلامية أو حماسة كروية لا أكثر.
لكن بعد ما شاهدت في "خليجي 22" من حضور متدنٍّ، علله البعض بأسباب ضعف المنتخب السعودي لكرة القدم أخيرا، لكن حال المنتخب اليمني ليس بأفضل. عدم الرضا عن الاتحاد السعودي لكرة القدم، فاليمني غاضب من ظروف بلاده، لم أجد تفسيرا أو سببا منطقياً لما حدث ويحدث، أهو كما قال زميلي أحمد التيهاني في مقالته "خليجي 22".. الفشل بامتياز! من ضعف إعلامي رافق دورة خليجي 22، أو حفل افتتاحي باهت! أو عدم تقديم شيء جديد لنا من مخرجي المباراة حتى لو من ناحية حركة الكاميرا! أم هي الرياض التي لم تتزين لهذه المناسبة! أم اجتماع "الإعلام الرياضي"، و"اللجان المنظمة" على الفشل بجدارة! أم عدم انبهار أشقائنا بتنظيمنا!
أم... أم... أم... إن جميع ما تم ذكره لم يمنع شعب اليمن من الحضور والتشجيع بصوت واحد لليمن.
أكاد أجزم أن لدينا مشكلة في مفهوم الجمهور والشعب.
فالجمهور: جمعها جماهير وتعني في المعجم: الجُمْهور من كلِّ شيء: معظمه الجُمْهور من النَّاس: جُلُّهم، أما الشعب جمعها شعوب وتعني في المعجم الشَّعْبُ: الجماعة الكبيرة ترجع لأبٍ واحد، وهو أوسع من القبيلة: (وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا).
الشَّعْبُ: جماعة كبيرة من الناس تسكن أراضي محدّدة وتخضع لنظام اجتماعيّ واحد وتجمعها عادات وتقاليد وتتكلَّم لسانًا واحدًا.
فما رأيناه في نهائي كأس آسيا كان جمهوراً، لكننا كنا نأمل أن نرى في "خليجي 22" شعباً.