ينظر المواطنون بإحباط لما آلت إليه المجالس البلدية. فعندما يقارن المواطن بين حالة الخدمات قبل المجالس وبعدها، سوف يشعر أنه لا فرق. وقد ترددت أكثر من مرة في الكتابة لأني شعرت أن الحالة ميؤوس منها خاصة بعد أن تم التمديد للأعضاء مما يوحي بأنه توجه لإلغاء الانتخابات! وهذا أمر لو حصل، فسوف يعد انتكاسة ترجع بمفاهيم الإصلاح والتغيير إلى الوراء وإلى المربع الأول. إنه لم يعد مقبولاً أن نصدق أن الهدف من التمديد هو إجراء دراسة على النظام. لو أن هناك جدية في الدراسة لكانت السنوات الثلاث الأولى من عمرالمجالس كافية. قبل أن يخيم الإحباط على المواطنين، كانوا ينظرون بتفاؤل نحو اجتماعات المجلس في مدنهم. فبدأوا في أغلب المدن يرسلون طلباتهم للأعضاء الذين لم يفوزوا بعضوية المجالس إلا بأصوات المواطنين. وأخذوا يحضرون الاجتماعات المفتوحة فيشاركون في النقاش والحوار. ويفتحون ملفات حساسة تنقد إهمال الخدمات وعدم شفافية البلديات. وخلال هذا الحراك، تزايد الأمل وكبر إحساسهم، بأنهم أمام ولادة لبيئة جديدة لمؤسسات المجتمع المدني.

سوف أستشهد بمجلس بلدي جدة مثالاً على الإحباط الذي كدسه أمام المواطنين. وأنا أعتبر نفسي شاهداً على هذا المجلس. فقد كنت أحضر بعض جلساته المفتوحة وشاهدت فتح الأبواب أمام السكان للنقاش والحوار. ورأيت ممارسة متقدمة كالتي تمارس في أقدم المجالس خبرة حين رفض سكان مجموعة من الأحياء مخالفة إحدى البلديات لنظام البناء فسمحت ببناء أدوار متعددة في مناطق الفلل. فلم تستطع الأمانة إرضاء السكان بحل تصالحي إلا بعد تقيد الأمانة بنظام البناء الذي يفترض فيها حمايته.

لم يدم ذلك المناخ طويلاً. فرأيت تحولاً من بعض الأعضاء وأصبحوا كأنهم مدافعون عن موقف الأمانة ونسوا هموم جدة. لا أريد التوسع الآن، ولكني أطالبهم بتقديم كشف حساب عن وعودهم ونسبة ماحققوه للسكان. فهل هم شعروا مثلنا بإحباط فناموا بعد أن شعروا أنهم بدون صلاحيات؟ ولنفترض أن سبب النوم يرجع إلى غرض مدروس. فربما يعود إلى عدم الرغبة في ازدهار التجربة الجديدة التي وظفها السكان بالتعبير عن مطالبهم لتحسين أحوال مدينتهم من خلال الحوار والمناظرة في المجلس البلدي؟