ما زالت مقبرة "أمنا حواء" الشهيرة بالوسط الغربي لجدة، تعود إلى الواجهة من جديد مع نهاية كل موسم.. وفود الحجاج، يصرون "بعلم أو دون علم" على كسر حظر أقرته هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر منذ 39 عاماً وتحديداً في عام 1975، يقضي بمنع الصلاة عند المقبرة، وطمرها بالأسمنت.

أتراك وصينيون وهنود وباكستانيون، أكثر المترددين على المقبرة، منذ ساعات الصباح الأولى، فيما أصبح عدد الزوار مرشحا للزيادة اليومية.. حارس المقبرة أصابه الإعياء، من محاولات منع الحجيج من دخول المقبرة، وممارسة البدع والخرافات، فيما تجاهل آخرين من الحجاج الصينيين أوامر الحارس وأدوا الصلاة عند حائط المقبرة طلباً لـ"البركة"، رغم مخالفتهم لجهة القبلة، الأمر الذي دفع بعض المارة للنزول من سياراتهم وتوعيتهم بطريقة الإشارة التي توحي بأن هذا الأمر مخالف للشريعة.

التوعية لا تفلح أحيانا.. إذ يتسلق الرجال والنساء السور لدخول للمقبرة ولديهم جزم بصحة أفعالهم رغم العديد من الخطوات التوعوية التي قام بها عدد من الجهات على رأسها هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

بعض الأهالي الذين تعودوا على هذا المنظر سنوياً، طالبوا بوجود الفرق الميدانية، التابعة للرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف، وبضرورة وجود مرشدين دينيين بمختلف اللغات، لتوعية هؤلاء.

من جانبه، نبه مسؤول سابق بهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لـ"الوطن"، على ضرورة تخليص زائري المقبرة من معتقداتهم، ومن الوهم الذي تعلقوا به إثر معلومات تاريخية مغلوطة حول تلك المقبرة التي لا يستطيع أحد أن يثبت أنها كانت لأمنا حواء، وأضاف أنه بحسب علمي أن الهيئة العامة للسياحة والآثار لم تثبت أو تتبنى تلك المقبرة كموقع تاريخي في محافظة جدة، مشيراً إلى أن الثابت الصحيح من الآثار التاريخية بأنه لا مانع من بقائه على ما هو عليه وزيارته للتعرف فقط مباحة دون إحداث شيء من البدع عندها. وأشار إلى أن من يشاهد ما يحدث عند المقبرة من الخرافات، يقتضي استشعار المسؤولية الشرعية للمساهمة في تصحيح تلك السلبيات وتقليصها بكل ما هو ممكن. ويذهب عدد من المطلعين بتاريخ جدة القديم والحديث، إلى أن السبب الرئيس خلف توافد الحجاج للمقبرة، يعود لقيام بعض الرحالة والمؤرخين بإعطاء مقاسات تقريبية لطول القبر الذي كان موجوداً في مقبرة أمنا حواء، ووضع رسوم تخطيطية في بعض الكتب عن ذلك القبر الواقع عند نهاية حي العمارية، وبداية حي الصحيفة الشعبيين.

بعض الحجيج الذين رصدتهم "الوطن" كانت بأيديهم أوراق تشير إلى أهم المواقع التاريخية الدينية التي يجدر بهم زيارتها عند قدومهم لأداء مناسك شعائر الحج، من بينها مقبرة حواء.