لا فائدة من "لو" التي تأتي متأخرة، وهي لا تأتي إلا متأخرة، وهي مضيعة للوقت، لكن يمكن قبولها من باب الاعتبار والعظة وتجنب الخطأ في المستقبل.
الأمطار حلم مرتجى لسكان الجزيرة العربية مثلنا، كانت تهطل وتسقي، تغيب طويلا ثم تأتي كالحبيب على شوق، يشرب منها الإنسان والحيوان والنبات، ثم يخزن الله في الأرض ما فاض عن الحاجة.
حدث أن نشأت مدن وأمانات وبلديات ومخططات عمرانية، فصار الناس يتوجسون من تراكم السحاب، ويخافون من السيول في الأودية وفي الطرقات وفي البيوت.
الأسفلت يتناقل سيوله الخاصة، والوديان التي سرق العمران مسالكها لا تقبل بديلا عنها عاجلا أو آجلا.
في المواسم الأخيرة، بدأ كثير من الناس يتعاملون بظرافة مع سيول الطرق، رأينا مشاهد لهم، من يسبح منهم في الشارع، من يشرب قهوته في الماء أمام منزله.. جرافات التراب تجرف الماء لتبعده عن الطرق، مشاهد لا يملك المرء فيها إلا الضحك الذي تختمه حشرجة بكاء.
كم يكلف شفط وجرف المياه كل مرة؟ كم يخسر الوطن أبناء وممتلكات وساعات عمل جراء سيول الطرق والشوارع؟
قبل 40 سنة، في الطفرة الأولى، كم كان سيكلف مشروع صرف صحي لمدينة كجدة مثلا؟ 10 مليارات ريال تقريبا؟
الآن سيكلف مشروع الصرف أضعاف هذا المبلغ، مضافا إليها تكاليف عمليات الشفط والجرف التي تمت من 30 سنة حتى اليوم. قل مثل ذلك عن مخططات سكنية في الوديان هي كوارث موقوتة تنتظر السيل الذي لا ينسى طريقه، وستكون الخسارات فادحة.
في موسم المطر والغيث تتكبد الخزينة الوطنية، عبر البلديات والدفاع المدني وغيرهما خسائر كان يمكن تجنبها "لو" أن البدايات كانت سليمة ونظيفة.
"لو" أن الجهات المختصة صارمة في تطبيق النظام، لما صار وادينا "خُلَب" العظيم أثرا بعد عين، استباحه الناس من سنوات بلا رادع فصار مملوكا مزروعا، المثير للضحك المختوم بالبكاء أن بلدية محافظتنا تطل مباشرة على هذه المزارع.
هل مكتوب علينا أن نتكبد خسائر كان يمكن تجنبها؟ هل للمعاصي دور في خساراتنا المتضاعفة؟! هل في الناس مثلنا؟