لم تكن المرة الأولى ولن تكون الأخيرة تلك التي يخرج علينا مسؤول أو شخصية رياضية شهيرة، أو محلل محسوب على الإعلام الرياضي بتصريح أو تغريدة أو إشارة تؤكد أن أزمتنا الحقيقية في نخبتنا الرياضية بالدرجة الأولى، وليست في الجمهور وحده، الذي يهوى البعض تحميله مسؤولية كل الموبقات.
سأكون واضحاً وأقولها بلا مبالغة أو مواربة: إن نخبتنا الرياضية - إلا قليلا - متحيزة بتعصب، مندفعة بغير مسؤولية، ومهتمة بحساباتها الضيقة على حساب المصلحة العامة.
ولم يكن غريباً وهذه هي الحال التي تعاني منها رياضتنا أن يخرج الدكتور حافظ المدلج، عضو اللجنة التنفيذية ورئيس لجنة التسويق بالاتحاد الآسيوي، ليحمل الجمهور مسؤولية هزيمة المنتخب السعودي أمام نظيره القطري وخسارته كأس الخليج، والسبب أن الجمهور شكل طاقة سلبية بصمته عن التشجيع!
الجمهور هو المسؤول!.. جملة قيلت من المدلج ومن أكثر من كاتب وإعلامي رياضي، ففي البداية الجمهور مسؤول لأنه لم يحضر، وفي النهاية الجمهور مسؤول لأنه حضر صامتاً، ولم يهتم أحد - كثيراً - بالبحث عن أسباب عدم حضور الجمهور في البداية، وحضوره في النهاية صامتاً.
لماذا تطلبون "الفزعة" من الجمهور ثم تنقلبون عليه بسرعة وتحملونه ثمن الإخفاق والفشل وتهاون مدرب وانهزامية لاعبين؟
قبل أن نلوم الجمهور علينا أن نسأل أنفسنا.. ماذا قدمت النخبة غير التغريدات المثيرة والتصريحات النارية و"الهوشات" العنترية التي لن تقدم ولن تؤخر؟ .. قولوا لنا: ماذا ستستفيد الرياضة السعودية من معركة الهريفي ورئيس الهلال حول التفاوض مع هوساوي؟.. وماذا ستستفيد من معركة يقودها مسؤول أو إعلامي هلالي ضد النصر؟.. وماذا سنستفيد من حرب يقودها إعلامي نصراوي ضد الهلال؟
وليس ببعيد خروج أحد المحسوبين على الإعلام الرياضي في برنامج "ليالي الخليج" على القناة الرياضية السعودية الأولى ليتحدث عن مباراة الهلال وسيدني كونه من مشجعي الفريق النصراوي، وأثبت ما نشتكي منه ويشتكي منه الرأي العام السعودي، وهو أن أحد أسباب أزمتنا الرياضية، وتراجع مستوى منتخبنا إتاحة الفرصة له، ومن هم في مستواه للظهور في الإعلام ليشحن الناس على منتخبهم وعلى المسؤولين في الدولة بشكل مباشر وغيرمباشر، ليسجل حضوراً وإعجاباً لدى بعض المشجعين الذين يعانون نفس ما يعاني منه من تعصب وتحيز، حتى وإن جاء هذا التعصب والتحيز في غير صالح الوطن.
والخلاصة أنه بدلاً من أن تكون نخبتنا الرياضية قدوة للجماهير في نبذ التعصب نراها تصب الزيت على النار وتؤجج الفرقة، وبدلاً من أن تكون نخبتنا عنواناً للتعاون من أجل صالح الرياضة السعودية عموماً التي تصب في مصلحة الوطن نراها تهوى التقوقع كل حول ناديه، وبدلاً من أن تكون نخبتنا سبب إنجازنا نراها الآن سبب خيبتنا ونكبتنا، والمحصلة أن كأس الخليج طارت من "الأخضر" في عقر داره، تماما كما طارت "الآسيوية" من الهلال في عقر داره أيضاً.. والبقية تأتي.