مسافة ليست ببعيدة تلك التي تفصل بين محل بيع "الآيس كريم" والحرم المكي، مئات الأمتار يقطعها يومياً آلاف الحجاج والمعتمرين في ذلك الطريق لكي يصلوا إلى المسجد الحرام من الفنادق التي يقطنون فيها، وفي طريقهم كان "محل أحمد" المتخصص في بيع المشروبات الباردة والآيس كريم ومع أجواء حارة في مكة المكرمة تصل إلى قرابة الخمسين درجة في موسم الصيف من كل عام، كان سوق بضاعته رائجاً، وحتى يستطيع التواصل مع زبائنه، تعلم أحمد 8 لغات من خلال الممارسة.

أحمد اليماني الذي لا يتجاوز عمره الخامسة والثلاثين عاماً، لم يقتنع بما يكسبه من أموال كثيرة من هذه المهنة، وفضل أن يثقف نفسه بنفسه، من خلال تعلم لغات الحجاج والمعتمرين، وتجويدها مرة بعد أخرى، فهو لا يكتفي ببيع البوظة لزبائنه سريعاً بل يحاول التواصل معهم عبر لغاتهم الأصلية، رغم إجادته وكثير من القادمين من خارج المملكة للغات مشتركة مثل الإنجليزية.

"الوطن" رصدت صباح أمس وفي ساعات المساء الأولى توافد عدد كبير من الحجاج على ذلك المحل الصغير بعد أن رموا الجمرات في طريقهم لإداء طواف الوداع، وسط أجواء حرارة عالية، وصلت لقرابة الـ40 درجة مئوية، ورغم أن كثافة عدد الحجاج الراغبين في الشراء لا تكفي لأن "يدردش من الزبائن"، إلا أن أحمد كان يحدث مع كل منهم بلغته في منظر عجيب حاز على إعجاب الكثير منهم.

ويقول أحمد إنه يعمل مع حجاج بيت الله الحرام والمعتمرين منذ 15 عاماً استطاع خلالها التعرف على ثقافاتهم ولغاتهم من خلال تواصل مباشر مع الزبائن حتى تمكن من تعلم نحو 8 لغات، وهي الإنجليزية والفرنسية والمالاوية والإندونيسية والأردو، وعدة لغات أخرى، ويضيف أحمد أن تعلم تلك اللغات جاء مع المماسة وأنه يستغل تلك المعرفة لخدمة الحجاج أحيانا بدون مقابل، من خلال التطوع لإرشاد الحجاج الذين يريدون أن تقدم لهم خدمات ولا يستطيعون التواصل مع الآخرين.