الميدان التربوي يتحقق نتاجه وفق خطط مهنية تبدأ قبيل انطلاق العام الدراسي، ويستمر تنفيذها حتى خروج آخر طالب يستلم نتيجة حصاد العام.
حينما يتساءل البعيد عن التعليم يظل مشدوها بين عجلة زمن البداية وحصاد النهاية، أي معلم يحتضن عقل ابني وهو يدرك في صمت أن عمر ابنه الفكري والسلوكي خارج عن سلطته وهو أب له، فكيف بمعلم لا يملك إلا سلطة الصمت حين حاجة ابنه للعقاب عندما يخرج عن دائرة أدب التعلم؟.
هنا لا أطرق باب التربية، فحديث التربية شأن المجتمع بكل فئاته. ما أتحدث عنه هو هدف التربية، وهو نتاج التعلم، فكل معلم حصد مقررات تخصصه يعي ما أنثره هنا.
التربية وسيلة لمرحلة عمرية يتجاوزها أبناؤنا الطلاب ليدركوا قيمة التعلم حينما نخاطب عقولهم، ونعلم كيفية بعثرة العقل العمري للطالب.
إذا أردت أيها المعلم أن تقف على مسرح الإجابات وفق منهجية الحضور الفعلي لمفهوم هدف التربية، يجب أن تحيط خطط مقررك الدراسي بهدف النهايات، وتستطيع أن تحقق لو ربع أهدافك خلال عام دراسي. كثيرون هم زملاء المهنة على مدار زمن يزيد عن ربع قرن، أعلم أنهم يقرون بالإجماع أن مقالي هذا ليس سوى قربان للتنظير، لكن يكفي أن أخرج برأي واحد يوافقني نهاية العام.
أيها المعلم، أنت تحمل مؤهلا علميا لا يحمله عامة الناس، وتقنية مهنية أجزم أن سواك لن يجيد تفعيلها، وإن كثر الضجيج حولك. أنت تملك كيفية البحث والتطوير؛ لأنك تتعامل يوميا مع عقول بدأ تفتح إدراكها وتزاحم أسئلتها. أجزم أن سنة واحدة من الخبرة في الميدان التربوي وعلاقتك المباشرة مع عقول طلاب في مستويات إدراكات مختلفة تجعلك قادرا أن تحقق أهدافا ناجحة في نهاية العام.
الإخلاص في حضور الصمت أجمل ما يميز كثيرا من المعلمين. وكل أب وأم يحملان هَمّ مستقبل أبنائهم يدركون ذلك الإخلاص.
اجعل مقارنة المفاضلة تسكن مهنتك، ستجد القيمة المعرفية لحضورك. لا تلتفت لحديث العاطفة عن مهنتك حينما تشاهد وتسمع نقد العابثين بقيمة العاكفين على تعليم أبنائهم، يجب أن تدرك أن في خفايا الناس من يعلم جهدك في تحقيق نجاح أبنائه، وإن عق ذلك الجهد عاطفة يحملها تجاه ابنه.
تلك هي سكينة الأبوة يحملها كل أب، وحتما سيزجرها كل أب وأم خذله ابنه في زمن آت.
نداء محب لك أيها المعلم، أن تجعل لهدف النهاية حضورا في خطتك الدراسية، وحينها ستجد نشوة اعتزاز تسكنك أنك صنعت عقولا حققت أهداف النهاية. المعلم وحده من يحق له أن يجاهر بالفضل حينما يلتقي طالبا له أصبح ناجحا في حياته القادمة. ولن تجد طالبا أصبح طبيبا أو مهندسا أو ضابطا أو في أي نجاح كان يزيح ذلك الفضل.