هل سمعت عزيزي القارئ عن "جماعة بن لكن"؟ هي ببساطة جماعة تعشق حرف "لكن"، وقصتها مع "لكن" قصة عشق طويلة فهي تتقمص شخصيتها وتختلط معها وتذوب فيها إلى أن تفقد هويتها، هي جماعة متناقضة لا تؤيد وتؤيد، لا تمانع وتمانع، لا تدين وتدين، جماعة لا لون لها ولا طعم ولا رائحة، فهي لا تؤيد العمليات الإرهابية "ولكن" تبتكر لها الحجج الخبيثة وتبررها في عقول الناس، خاصة البسطاء منهم أو من يؤيدهم على استحياء أو في الخفاء و"لكن" لا يمكن أن تعلن تأييدها علانية للإرهاب.
بدأ ظهور الجماعة على السطح مع تنظيم القاعدة وتحديدا بعد وقوع أحداث الحادي عشر من سبتمبر، حينها بدأت جماعة "بن لكن" تدين الإرهاب، "ولكن" تبرره بأنه رد فعل للمظالم الخارجية والداخلية، ولا أعلم كيف ذلك، وهم في الحال ذاتها يرون أن الديموقراطية والحريات كفر وفجور؟ ولو كان غياب الحريات مبرراً لقيام الإرهاب، فما تفسير الإرهاب في بعض الدول الأوروبية التي تعيش في قمة الديموقراطية؟
أما المظالم الخارجية؛ فيقصدون بها المظالم الغربية للمسلمين، فهؤلاء يفسرون الإرهاب ويبررونه بأنه ردة فعل للعدوان الغربي والإسرائيلي، ولا أعلم ما علاقة ذبح المسلمين بالمظالم الغربية لنا؟ هل نحن الأمة الوحيدة المعرضة للظلم؟
هناك شعوب كثيرة تعاني مظالم أشد مما يعانيه المسلمون، ومع ذلك لا يعرفون شيئاً عن العمليات الانتحارية. والحق أن مظالم بعض المسلمين لبعضهم منذ فجر التاريخ وحتى يومنا هذا هي أشد وأنكى من مظالم الآخرين لهم، ولك أن تنظر كيف تتقاتل الجماعات المتشددة في سورية والصومال وفي العراق وأفغانستان!
وإذا كان الإرهاب وليد الظلم الإسرائيلي، فلماذا لا تنتقم "القاعدة" و"داعش" من إسرائيل؟ ومن الأوهام التي ترددها جماعة "بن لكن"، أن الإرهاب رد فعل طبيعي نتيجة التطرف العلماني والليبرالي، وهو تبرير زائف، إذ لم يعرف عن العلمانيين والليبراليين العرب أنهم في يوم ما كفروا أو فسقوا أو قطعوا رؤوسا أو شقوا صدورا!
ومن جملة تبريرات هذه الجماعة كذلك؛ القول بأن الإرهاب هو انعكاس لحالة الإحباط الناتج عن الفقر والبطالة وهذا خلاف الحقيقة، إذ إن غالبية الجماعات المتطرفة لا تعاني فقراً ولا بطالة، بل عندهم من الأموال ما يكفيهم لتمويل عملياتهم التخريبية.
هؤلاء "اللاكنيون الجدد"، أو "بن لكن" بنسختهم الطائفية الحديثة ظهروا بكل وضوح في أحداث الدالوة فهم يدينون الحادثة على استحياء مصحوبة بـ"ولكن" يجب أن ندين كذلك قتل وذبح إخوتنا السنة على يد الرافضة الصفويين في العراق وسورية ولبنان واليمن، وهي ذات اللغة التي طالما سمعناها في الماضي على لسان الخطباء في المنابر عندما يخطب أحدهم بأعلى صوته: (أيها المسلمون، لقد حرم الإسلام سفك الدماء "ولكن" أنظروا ماذا يحصل للمسلمين في الشيشان وكشمير والبوسنة وفلسطين وأفغانستان والعراق، راقبوا عنصرية الغرب وغطرسة أميركا تجاه المسلمين). هذا الخطاب بالتحريض العنيف هو الذي يولد مناخا مواتيا يدفع الشباب إلى أحضان الإرهاب ويدفعهم دفعا إلى اعتناق الفكر الجهادي التكفيري.
جماعة "بن لكن" يمثلون خطرا حقيقيا على المجتمعات ليس بأقل من التنظيمات الإرهابية.
ختاما أقول: أشيد بالبيان الذي صدر قبل أيام من الداخلية السعودية حول جريمة الاعتداء على حسينية قرية الدالوة بالأحساء، وكشفها عن شبكة إجرامية يرتبط رأسها بتنظيم داعش الإرهابي، إذ كان البيان يتسم بالوضوح والشفافية.