في ظهيرة يوم عرفة الذي تجاوزت فيه درجة الحرارة 40 درجة مئوية، وقف محمد محمود الحديد الذي جاء بعائلته من مدينة حمص السورية إلى صعيد عرفات مشرئب العينين نحو "جبل الرحمة"، وحوله أطفاله يلهون ويبتسمون، وكأن فكره باق في "حمص"، يستدعي الأفكار ويلهج بالدعاء.

كلمة "سلام ياحاج"، أوقفت سرحان الفكر الذي كان عليه الحديد، فابتسم في وجوهنا، وفاجأنا بقواه "إنه جاء من مدينة تحت النار تتصارع فيها الأطراف، إلى مكان يتعايش فيه المسلمون بكل مذاهبهم ومشاربهم وجنسياتهم في مساحة لا تتجاوز الـ4 كيلومترات"، مضيفا أنه بالرغم من بحث كل شخص عن المكان الأفضل، الا أن الحجاج يؤثرون بعضهم على بعض، ويتعاملون وفق قانون الإسلام الحقيقي، الذي يحث على تقدير الكبير ورعاية الصغير، ويأمر بالعدل والمساواة ومراعاة حقوق الآخرين.

ويضيف "الحديد" أن قدومه وأسرته من سورية كان عن طريق الائتلاف السوري الذي أوكلت له مهمة تنظيم شؤون الحجاج السوريين، سواء من حجاج الداخل السوري، أو اللاجئين، وأن الائتلاف حجج 12 ألف سوري، أتوا من سورية عن طريق الأردن وتركيا، وأن الحجاج لم يجدوا أي صعوبة، في الوصول إلى المشاعر المقدسة، حيث أبدت المملكة مرونة كبيرة في التعامل معهم.

ويقول إن الحج يجب أن يكون المدرسة الأكبر للمسلمين في كيفية التعامل مع شؤونهم الدنيوية، حيث يقدم دروسا في فن التعامل مع الآخر في ظروف قاسية، وتحت ضغط الوقت المكان، حيث يدرك الإنسان أن ظلمه لأخيه الإنسان ليس من الإسلام في شيء وأن الناس سواسية، وسيأتي يوم لا يفرق فيه أحد عن أحد، ونحن نشاهد الحجاج كلهم بلباس واحد ويأكلون من نفس الأكل ويجتمعون في المكان ذاته، ولا تعلم من هو الغني أو الفقير أو من هو صاحب المنصب ومن هو الرجل البسيط، ويستطرد المثقف السوري، واصفاً الإسلام بأنه بريء مما يفعله الدواعش في سورية، وبريء أيضا من أفعال النظام الوحشية ضد السوريين.