جبال وسهول، ممرات مضللة باتجاهات محددة، مخيمات بالأرقام والأسماء، كل هذه الجغرافيا في أرض ضيقة يقطنها في زمن ضيق أكثر من مليوني شخص، وبينهم يتسلل المفترشون، فيغلقون الطرقات، ويزحمون ممرات الخدمات.

الجبال والسهول ترهق المفترشين، الذين تسللوا إلى المشاعر المقدسة دون تصريح، ويبحث أحدهم عن نصف متر لينتظر انتهاء التروية، ومثله في عرفات بانتظار زوال الشمس، وكذلك في مزدلفة وصولا إلى منى مرة أخرى.

الإرهاق الذي تسببه هذه الجغرافيا المحدودة بكل ما فيها من تنظيمات وممرات وخرائط وأرقام، لم ترهق المفترشين وحدهم، بل زادت العبء على 10 آلاف رجل أمن في قوة تنظيم المشاة والمفترشين، فهم إنسانيون أحيانا، وصارمون عند بوادر أي خطر يهدد سلامة الحجاج، يتهربون من نهر الحاج حتى وإن كان مفترشا، باللين يتحدثون معهم، ويقضون ساعات طوال في محاولاتهم لإبعاد المفترشين عن الطرقات الآمنة التي يسلكها الحجاج.

ويمكن الإشارة هنا إلى الحيثيات التي أعلنها قائد ركن عمليات إدارة تنظيم المشاة بالأمن العام في المشاعر المقدسة العميد محمد الشريف في جداول التفويج نحو جسر الجمرات، والتي قال فيها: "إن عدد العناصر البشرية التي تشارك موسم الحج الحالي في تنفيذ خطة إدارة تنظيم المشاة بالأمن العام تتألف من 180 ضابطا و8405 أفراد و2175 طالبا، وإن أدوارا كثيرة تقع على عاتق هذه الإدارة الأمنية، التي لا يعرف عن تفاصيل أدوارها الكثير في موسم الحج الحالي في مختلف مناطق المشاعر.

من أهم الأدوار الذي تقوم به إيجاد ممرات عبور آمنة وسط المشاعر المقدسة بين المشاة، وتأمين سلامتهم في ظل وجود "المفترشين"، إلى جانب الهم الأكبر تنظيم عملية دخول وخروج الحجيج لجسر الجمرات، ومراقبتهم عبر كاميرات دقيقة من خلال غرفة عمليات تتسم بطابع الجاهزية واتخاذ حالة الإجراءات اللازمة والضرورية لضمان سلامة حجيج البيت المعمور.

مفصل آخر تقوم به قوة إدارة المشاة في الحج تتعلق بالخطة المرورية في المشاعر المقدسة، ودعم قوة الحرم المكي من بداية أيام الحج الأولى، لما لها من خبرات تراكمية بإدارة الحشود في الساحات الخارجية. واستحدثت هذه القوى مراكز جديدة لها العام الجاري على طريق "المعيصم وأنفاق العزيزية".

أكثر التوصيات والمؤرقات لدى هذه القوة اليوم الثاني عشر "يوم التعجيل"، حيث تطالب دوماً بعد خروج الحجيج لجسر الجمرات في أوقات الذروة ما بين الساعة 8 صباحاً و12 ظهراً، وعدم الاستعجال للذهاب للحرم يوم الثاني عشر والمغادرة للمساكن للتخفيف على صحن الطواف.