كل أفلام المخرج المصري العبقري داود عبدالسيد تحتاج إلى إعادة قراءة لمحتواها الفني والفلسفي، رغم قلة أفلامه، فعلى الرغم من كون داود عبدالسيد، من الجيل الذي تدرب وتتلمذ على سينما يوسف شاهين، إلا أنه لم يقدم في كل هذه السنوات الطويلة سوى ثمانية أفلام، غير أن خمسة أو ستة من هذه الأفلام، مصنفة فنيا، ضمن أفضل 100 فيلم في كل تاريخ السينما المصرية، وهذه دلالة على أهمية سينما داود.

الشيء الآخر، الذي قد لا يعرفه الناس، أن معظم أفلام داود عبدالسيد، هي من تأليفه وإخراجه، وهو من المخرجين القلائل الذين أظهروا في مصر، ما يعرف بسينما المؤلف.

فيلم مواطن ومُخبر وحرامي، هو من أفلام الكوميديا والتراجيديا في الوقت نفسه، وتلك إحدى أهم سمات أفلام داود عبدالسيد، مثله مثل فيلمه الشهير "الكيت كات"، من ناحية التصنيف الفني، واللغة السينمائية.

الفيلم يدور حول ثلاث شخصيات: روائي مثقف، ومُخبر شرطة، وأحد لصوص الأحياء الفقيرة، وكل منهم يحاول إثبات ذاته وكينونته على حساب الآخر، الأمر الذي يجعلهم يتحدون فيما بعد، في كوميديا تكشف علاقة المثقف بالسلطة وبالمجتمع، في إطار فلسفي عميق وجميل ومتناقض.

وكعادة داود عبدالسيد، فقد اختار أبطاله من نجوم الظل، غير المعروفين، فقدم المطرب الشوارعي شعبان عبدالرحيم للمرة الأولى على شاشات السينما في دور اللص، وخالد أبوالنجا للمرة الأولى في دور بطولة، وصلاح عبدالله في دور المخبر، ليقدمهم في واحد من أهم وأعمق وأجمل أفلامهم، وأفلامه.