بقدر ما هو مخجل أن نقرأ بين الفينة والأخرى عن سقوط أصحاب صكوك الأراضي المزورة وتواطؤ بعض القضاة وكتاب العدل معهم، بقدر ما هو مفرح أن نبدأ مشوار الألف ميل لاستعادة الأراضي المسروقة والضرب على أيدي المزورين والقضاء على ثقافة الاستيلاء على الأراضي باعتبارها من المال العام وسرقتها تعد سرقة للوطن والمواطن.

ولو جمعت الكيلومترات المستردة خلال الأعوام المنصرمة لتجاوزت مساحتها مساحة دولة ذات سيادة في آسيا أو أوروبا، ففي عام 1435 كشفت وزارة العدل عما مساحته 1450 كيلومترا مربعا دخلت في صكوك مزورة وتمت استعادتها، ومع مطلع هذا العام الجديد جاءت باكورة الخير بإعلان رئيس لجنة الأراضي في جدة عن استعادة 4 ملايين متر مربع لأرض صكت زورا ضمن متنزه وطني في جدة، وقبلها بأيام استردت مساحة 120 مليون متر مربع كانت ستذهب في جيوب لصوص الأراضي.

وإذا علمنا أن مساحة مدينة كجدة مثلا لا تتعدى 1700 كم مربع، فهذا يعني أن المساحة المسروقة تعادل مدينة كاملة، وستظهر خلال الفترة المقبلة قضايا مماثلة لأراض مسروقة وستعود لملكية الدولة، هذا خلافا للأراضي التي ذهبت ولم يعلم عنها أحد وربما أصبحت اليوم تمثل أحياء مكتظة بالسكان وهي في الأساس إما صكوك مزورة أو وضع يد.

الواقع يقول إن هناك مساحات كبيرة وكبيرة جدا وضعت عليها اليد بصكوك مزورة أو بلا صكوك وأصبحت في ملكية أفراد دون وجه حق، وهو ما جعل وزارة الإسكان بجلال قدرها لا تجد مكانا على الأرض تبني فيه بيوتا للمواطنين، وإذا اعتبرنا فرضا أن المساحة المستفاد منها في البناء 30? من المساحة الإجمالية للبلاد فإن نسبة مثلها أخذت بغير حق والبقية الباقية تمثل صحارى الربع الخالي والنفود، وربما يأتي عليها الدور.