في معادلة "الخرفنة"؛ هناك طرفان، أحدهما كاسب والآخر خاسر برضاه، ولذلك فإن "الخروف" لا يستحق اليوم أن نطلق عليه "خروفا" بالمعنى الذي يشير إليه مصطلح "الخرفنة"، وقد صار الطرف الكاسب في المعادلة الجديدة، إذ أصبحت قيمته موزاية أو تزيد عن "دية الرجل" بعد أن تجاوز سعره 300 ألف ريال في مزادات للخرفان يقيمها بعض بني البشر الذين وضعوا أنفسهم في طرف المعادلة الآخر، وأصبحوا هم الخاسرين على حساب "الخروف".
ومصطلح "الخرفنة" كما تعلمون من المصطلحات التي انتشرت أخيرا في أوساط المجتمع، وطار به الركبان تهكما على الرجل في بعض تصرفاته أمام المرأة، وبغض النظر عما يحويه المصطلح من إساءة لـ"بني جنسي" بناء على طيش القلة منهم، إلا أنه لم تعد مفردة "الخروف" رمزا مناسبا للتهكم على الرجل الذي يبيع كل ما معه وما حوله من أجل إشباع نهم المرأة المهووسة بالسيطرة وحب المال؛ فالخرفنة لم تعد وصمة عار بعدما انقلبت الأمور، وأصبح "الخروف الحيوان" هو من يخرفن "البشر".
كيف لأسعار الخراف أن تصل إلى هذه الأرقام الخيالية في المزادات المشبوهة التي تقام أسبوعيا في بعض مناطق المملكة؟! وما الغاية من شراء "خراف" بهذه الأسعار طالما أن "السكين" لن تصل إلى حلوقها وهي تباع بهذه القيمة؟!
ليس من المعقول أن شعر الخروف وأنفه وعينيه تحولت إلى مقاييس جمال عالمية طارت بأسعار الخرفان إلى هذا الحد، وإنما "وراء الأكمة ما وراءها"، فقد أصبحنا اليوم أمام ظاهرة خطيرة تخالف السنن الكونية، فالمواشي التي خلقها الله لنفع الإنسان كما قال تعالى: "لكم فيها دفء ومنافع ومنها تأكلون"، تحولت إلى أرقام فلكية يتلاعب بها فئة من الناس الذين يسيرون باقتصاد البلد إلى نفق مظلم.
فهل من تحرك رسمي لإيقاف هذا العبث، أم ستظل الساحة متاحة لكل من يجيد "الخرفنة" ليوقع بضحايا جدد، كثير منهم لم يتعاف بعد من "خرفنة" مكائن "سينجر" ومساهمات "البيض" و"سوا"؟!