هل نحتاج إلى قرار قيادي جديد يعيد صياغة اللغة المتداولة والارتقاء بها بين ناشطين في دول الخليج، سواء عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أم من خلال الصحف والحوارات التلفزيونية؟ والأهم كيف نستطيع إيقاف هذا الكم الكبير من "معقدي الشوش" بين الإمارات وقطر، حتى بدا الأمر وكأن حربا كونية لفظية استعرت وصعب إخمادها.. والأكيد الأكيد أننا لم نكن نحتاج إلى كثير من الإسقاطات التي أضرتنا وعاثت بنا انقساما، ليس إلا أن كلا منا أراد أن ينتصر لبلده ولا يعنيه حجم الألفاظ الكوارثية التي استخدمها.

الآن، وإن كنا احتفينا بالقرار القيادي الذي رسم معالمه الراقية خادم الحرمين الشريفين، لتعود اللحمة والمودة بين أبناء الخليج الواحد، إلا أننا ما زلنا نحتاج إلى زمن كي نتخلص من الرواسب المضرة التي خلفتها تلك الحقبة، وجعلت الأمور أقرب إلى التنافر منها إلى التقارب.. هنا أجزم مضطرا أن مشكلتنا الأساس في دول الخليج، أننا حين الاختلاف والتنافر فيما بيننا لا يضيرنا أن نستخدم الأسلحة الخارجية، وكل منا يوظف الصائدين في الماء العكر، حتى باتوا يتصدرون المواقع بقدراتهم العالية على جعل الفجوة أكثر اتساعا.. لكن الآن كيف لنا أن نطردهم من مواقعنا وكيف نتفق على رفضهم، لأننا ندرك أنهم لا يعنيهم إلا ما يكسبونه من الاختلاف والخلاف، وإن كانوا اليوم معك فهم غدا عليك!

أتعلمون أين تكمن المشكلة الكبرى حين وقوع الخلاف الخليجي الخليجي؟ تكمن في أن هناك من بيننا نحن الخليجيين من تعلموا على أيدي بعض إعلاميي عرب الشام وشمال أفريقيا، مبادئ: "كيف تكون مستفيدا من الاختلافات؟"، لتظهر أسماء لا حصر لها تغوص في كل كلمة، لأجل أن تعيد إحياء الاختلاف، حتى بدا أن ما بين قطر والإمارات قد بلغ حد العظم، ولا يمكن علاجه.. هم خليجيون اقتحموا الموقف، وباتوا كالنائحة المستأجرة يعيدون إضرام النار كلما اقتربت من الانطفاء، قالوا واختلقوا وكذبوا بما لم يستطع من ينتمي إلى المختلفين أن يجهر به، أو حتى يفكر به، وتخيلوا أن بعضهم استغل الوضع ليعيث خرابا في السير الشخصية لكبار، آمنا بقدراتهم وعطاءاتهم نحن أبناء الخليج، إلا أنهم من خلال حروف متكسبة أرادت إرضاء من انحازت لصفه، لم يكن يعنيها إلا تعميق الخلاف!

ما حدث خلال حقبة الخلاف كان مخجلا، حد أن ذكراه فقط تؤلمنا، بل تجرح مشاعرنا كما السكين التي بلغت بياض العظم، والأهم بعد هذه التجربة: هل تعلمنا الدرس؟ وهل وعينا أن هناك من يجرنا لنكون في حالة تنافر، سواء كانوا باحثين عن المال أم مخربين مندسين يخدمون أجندات مستترة ضارة بدول الخليج؟

ختام القول: أتمنى أن "يركد الرمي" المخل بين مغردين ومتحاورين في صف قطر والإمارات، وأن تعود لغة الاحترام سائدة، لكنني أجزم أن هذا لن يتسنى ما دامت أبواب قنواتنا وصحفنا مفتوحة لمثيري الفتن من المتكسبين العرب والخليجيين الذين ما زلنا نلحظهم عبر القنوات الإخبارية، وعبر البرامج الحوارية الكروية خلال دورة الخليج الجارية الآن في الرياض.. احفظوا احترامكم لبعض، تحفظوا خليجكم، ولتكن مهمتكم الأولى طرد "معقدي الشوش" المتكسبين، والأكيد أنكم ستجدون الخير الكثير.