حصل في وقت سابق من عام 2006 على لقب الإعلامي العربي الأكثر تأثيرا ونفوذا في المنطقة العربية والعالم، بحسب تصنيف مجلة "أرابيان بيزنيس"، وجاء تاسعاً ضمن قائمة أقوى 100 شخصية عربية نافذة في التصنيف العام لكل الفئات المهنية في نفس المجلة، كما حافظ على اسمه في القائمة ذاتها في العامين 2007 و2008، وفي 2013 فاز بوسام التميز لأكثر الشخصيات تأثيرا في العالم من المجلس الدولي لحقوق الإنسان والتحكيم والدراسات السياسية والاستراتيجية، وقبل كل ذلك وفي بداياته عمل بالمجموعة السعودية للأبحاث والتسويق، نائبا لرئيس تحرير مجلة المجلة السعودية الأسبوعية الصادرة من لندن، وبعد سنتين تقلّد منصب رئاسة التحرير في المجلة حتى العام 1998 حين عُيّن رئيساً لتحرير "الشرق الأوسط" اللندنية، هذه باختصار سيرة الإعلامي الكبير عبد الرحمن الراشد، الذي لا ينكر أحد منا مدى ما يحمله هذا الإعلامي الفذ من عمق ومحتوى متميز ومختلف، كما أنه لا يمكننا أن ننكر مدى ما قام به عبر عموده اليومي في "الشرق الأوسط" من محاولات لم تنضب في إثارة مختلف الحرائق في رؤوسنا، لقد ظل الراشد لسنوات طويلة يحاول تحريك الراكد في عقولنا، فمرات يأخذنا نحو الحقائق والمسؤوليات الكبيرة، ومرات أخرى لا يعطينا أي مبررات لما يقوله فيتركنا نفرك أدمغتنا في الهواء، محاولين اللحاق به لإدراك مفاهيمه، ولكنه يأبى أن يتركنا لشأننا، عصي عليه أن يخلفنا لأقدارنا، في نهاية الأمر يبقى الراشد عراب الصحفيين السعوديين، والأكثر بروزا حتى الآن.

في معظم حروبه الإعلامية التي خاضها الراشد طيلة وجوده في الساحة لم يكن بإمكاننا مطلقا أن نتفادى قتالاته، بل إن كل ما كنا نقوم به هو الاستمرار بمراقبته، مترقبين فقط إعلان صافرة الحكم بالفوز لصالحه، فقد كانت حروبه بمثابة القدر، بل هي القدر بعينه، وكان علينا أن نصفق طويلاً للنفس الطويل الذي يمتلكه الراشد، رغم كل اليأس والخوف من أن يحبط، لكنه كان أكثر الجميع قدرة على رؤية المستقبل دون قلق أو خوف من ألا يكون قادراً بعدها على العراك، وحين أعلن مؤخراً عن استقالته من قناة العربية، بعد أن عمل بها مديرا لنحو عشرة أعوام، شعرت أنا شخصياً أن هذه الاستقالة لم تأت في الوقت المناسب، وأن الراشد قد اتخذ القرار دون تفكير، لأن القناة الآن في أمس الحاجة إلى وجوده، على الأخص وهي تحقق قفزات نوعية مؤثرة إقليميا.

يحسب للراشد في تاريخه المهني، ما قام به خلال السنوات الخمس الماضية، حينما عمد إلى ضخ دماء سعودية شابة في القناة، مؤمناً بأهمية إعطاء الفرصة للمبدعين السعوديين سواء كانوا مذيعين أو محرري أخبار ومسؤولين ضمن فريق الإنتاج، وذلك للعمل والاحتكاك بالثقافات الأخرى المتنوعة في مجموعة قنوات mbc. لقد استطاع الراشد أن يفتح للشباب آفاقاً واسعة، وأعطاهم فرصاً ثمينة رغم أن البعض منهم لم يكن يملك خبرة ناضجة، لكنه سعى إلى أن تعمل القناة بأيد سعودية موهوبة، واختار فريق عمله الإخباري بعين الرجل الإداري الحكيم، والراغب في إثراء شباب وطنه بالفكر الخلاق.

المشاهدون الذين يتابعون "العربية"، لن يعنيهم تغير مدير القناة، ولن يدركوا الأسى الكبير الذي سيخلفه الراشد لموظفيه الذين حتماً سيفتقدونه بشكل كبير، إذ أعطاهم الفرصة كي ينطلقوا بكل حرية في قناة يشهد لها حراكها، رغم عدد الحروب التي شنت من أجل توجهها، لكن القناة لم تأبه لكل المحاولات التي سعت لمحاولة خنق بصيرتها. وقد تولى الدكتور عادل الطريفي حالياً منصب المدير العام لقناة "العربية"، وفي جعبته كما ذكرت الصحف سنوات من الخبرة كباحث وخبير ومحلّل سياسي مطلع على الشؤون السياسية العربية والدولية، فضلاً عن كونه صحفياً سبق أن تولى رئاسة "الشرق الأوسط"، ومجلة المجلة. وهو حاصل على درجتي الماجستير والدكتوراه في العلاقات الدولية في كلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية. وكان مؤخراً قد شغل منصب نائب المدير العام لقناة العربية.

ومن الطبيعي أن يتطلع الموظفون السعوديون في القناة إلى أن يمنحهم الطريفي ذات المكانة والاهتمام التي أعطيت لهم في العهد السابق.

تبقى الإشارة إلى أن قناة كبيرة لها جماهيرية واسعة مثل "العربية"، لن تكون إدارتها بالأمر السهل، والأمر لا يتوقف على مجرد أن يكون مديرها حاصلاً على عدد من الشهادات العلمية، وحتى الخبرات السابقة في هذا المجال، بقدر ما يتعلق بإدراكه ووعيه لمفهوم الإدارة، والحرص على تنمية ورعاية موظفيها.