في تطور يحمل دلالة طائفية خطيرة، اقتحم مسلحون تابعون لجماعة الحوثي أمس عدداً من المساجد في العاصمة اليمنية صنعاء، وحدثت عمليات الاقتحام قبل ساعات قليلة من أداء صلاة الجمعة. وأوضحت مصادر مطلعة أن المسلحين اقتحموا عدداً من المساجد المحسوبة على السنة، وقامت بفرض عدد من الخطباء والأئمة والمؤذنين الموالين لها، واستهدفت الاقتحامات مسجد الزهراء، الواقع بجوار السجن المركزي، ومسجد الحمزة في حى الحشيشية، ومسجد ذو النورين، وجامع الخير، وقامت بفرض خطباء وأئمة جدد يروجون لخطاب الجماعة.
وفي حي شملان أكد شهود عيان أن الحوثيين سيطروا على معظم المساجد فيها، وكانوا يهتفون أثناء تواجدهم لأداء الصلاة بشعارهم المعروف "الموت لأميركا، الموت لإسرائيل"؛ فيما انتشر مسلحون في محيط هذه المساجد تحسباً لاحتجاجات ضدهم.وكان الرئيس عبد ربه منصور هادي قد انتقد سلوك جماعة الحوثي بعد دخول مسلحيها العاصمة صنعاء، معتبراً أن "نهب المنازل والمؤسسات العسكرية لا يمكن أن يبني دولة". وقال في خطاب وجهه بمناسبة الذكرى الثانية والخمسين لثورة السادس والعشرين من سبتمبر "تصفية حسابات القوة العمياء المسكونة بالثأر، لا يمكن أن يبني الدولة ولا مؤسساتها الدستورية، ولا يمكن أن تؤسس لسلم اجتماعي بين كل مكونات المجتمع". وأضاف قائلاً "أتساءل إذا كانت مكافحة الفساد وبناء الدولة تتم بنهب البيوت والمعسكرات ومؤسسات الدولة؛ فكيف يمكن أن يكون الفساد والتخريب؟ وهل من يريد بناء الدولة المدنية الحديثة ينتهك حرمات البيوت، ويهاجم مؤسسات الدولة بغية نهبها؟".وفي أول ظهور إعلامي له، اتهم مستشار الرئيس هادي لشؤون الأمن والدفاع، اللواء الركن علي محسن الأحمر الحوثيين بـ"إعادة فتح فصول من الغبن والقهر والتخلف، كان اليمنيون قد أغلقوها قبل 52 عاماً بفضل ثورتي السادس والعشرين من سبتمبر في الشمال والرابع عشر من أكتوبر في الجنوب". وأوضح الأحمر، الذي يوجد خارج اليمن أن ما حدث مؤخراً وشهده العالم، كان "بمثابة محاولة أخيرة قادها دعاة الإمامة بإسناد متآمرين ماتت ضمائرهم ورخُص عليهم بلدهم الذي ترعرعوا وتربوا فيه. ولم يعد خافياً النهج الذي سلكه أحفاد الإمامة خلال فترة لم تتجاوز الأسبوع من السماح لهم بدخول مركز الدولة.
وأشار إلى أن الحوثيين "إنما يكررون ذات المشهد الذي شهدته صنعاء بعد أن أخفق ثوار 48 في الإطاحة بالحكم الرجعي وسارع المدّعون بأحقية الحكم في استباحة كل ما احتضنته صنعاء لمدة شهر، وهاهم أنصارهم الجدد يُعيدون نفس المشهد فيستبيحون اليوم كل ما يقع أمامهم داخل العاصمة ويتملّكونه بغير رضاء أهله". واعتبر الأحمر أن مسيرة الحوثيين "تمثل شريعة الغاب، تأنف الحسن وتألف السيئ، تبذل الغالي والرخيص لهدم الدولة، وليس لبنائها، وتمزيق النسيج الاجتماعي، لا وحدته، والقضاء على قوات الوطن المسلحة وحراسه الأمينون على حراسته، لا إحيائهم. ويتشدقون كذباً بنبذهم الطائفية والتحريض المذهبي؛ في وقت هم من يدفعون بالأميين زرافات إلى الموت، معتمدين كل الاعتماد على شحنهم الطائفي وتغريرهم بمن لا يعرف حقيقة طموحاتهم".
في غضون ذلك، احتفل أنصار جماعة الحوثي يوم أمس بما أسموه "جمعة النصر" في شارع المطار بالقرب من 3 وزارات، تلبية لدعوة وجهها إليهم زعيم الجماعة عبدالملك الحوثي، والتي قال إنها تأتي "تأكيداً على الاستمرارية الشعبية في حماية مكتسبات الثورة".
وعلى مدار الأسابيع الماضية، كانت العاصمة صنعاء، تشهد في مثل هذا اليوم، جمعتين، إحداهما للحوثيين، والأخرى لأنصار الرئيس عبد ربه منصور هادي تحت شعار "الاصطفاف الوطني"، إلا أن هذه الجمعة مرت بدون حشود لأنصار هادي، الذين يبدو أنهم أرادوا تجنب وقوع أزمة مع الحوثيين المسيطرين على العاصمة منذ نحو أسبوع.