لماذا يكره الكثير من أبناء الدول العربية والإسلامية الغرب؟ الجواب بالنسبة لي سهل جدا، وسأذكر الأسباب الوهمية والأسباب الحقيقية، فلكي نكون قادرين على تجاوز هذا الشعور البغيض في أنفسنا علينا أولا أن ننظر للأمور بعيدا عن التحليلات اللفظية الرنانة، والغارقة في الأوهام والتضليل، مع البقاء متفهمين لطبيعة النفس الإنسانية المتشككة والسجينة للتفسيرات المريحة.
يبرر الكارهون الغرب وكل مُثُله وإنجازاته أنهم يبغضون هؤلاء لأنهم كافرون، لا يؤمنون بالله كما نؤمن به، في حين ينسون أن الأولين من أمتنا كانوا يتعاونون مع الكفار ويتبادلون معهم المعاهدات والاتفاقيات، ويتعاملون معهم باعتبارهم بشرا لهم ما لهم وعليهم ما عليهم.
يقولون إن الغرب سرق خيرات العرب والمسلمين، وينسون أن المستغفل فقط هو من يستطيع السارق أن يستغفله ويستغله، فإن كان الغربي سارقا فأين فطنتك وعقلك اللذان يحميانك منه؟ وإن كان هؤلاء يردون السبب في ذلك إلى دعم الغرب لبعض الأنظمة العربية فإن الحديث يقول: "كما تكونوا يولى عليكم".
يقول الكارهون، إن الغرب انتهازي، ويحيك المؤامرات، ويغلب القوي على الضعيف، ويساند العدو على الصديق، ويكره الإسلام ويحارب الله ورسوله و.. و..، وهي أوصاف إذا ما قارناها بما نحن عليه اليوم سنجد أننا مثلهم تماما، فالفساد مستشر في عالمنا الإسلامي والدول تحيك المؤامرات بين بعضها، والمتنفذ يستغل الضعيف، والأخوة والصداقة تتحقق في ظل المصالح، و"داعش" ومن على شاكلته يحارب الإسلام وقيمه باسمه!
كل تلك الحجج لفظية تريح القلوب المغلوبة والكسولة والغارقة في التبرير الوهمي، إلا أن الحقيقة تقول إنهم يكرهون الغرب، لأنه تقدم عليهم علميا، وصنع الأسلحة وطورها بنفسه ليعتمد عليها في تحقيق أحلامه، وهو ذاته الذي ابتكر الاختراعات، وطور أساليب الإدارة النافعة، وهيمن على العالم بعلمه وقدرته على التأثير واستغلال الظروف والمعطيات، وهو الذي حول الإرث البشري إلى طاقة عملية يمكن لهم بها أن يحكموا العالم.
الغربي متصالح مع غيره وإن كان ينافسه، بينما الكارهون يرون الجميع أعداء، فالغربي لا تسيطر عليه مفاهيم اجتماعية موروثة عن قيمة الإنسان بل يعمل على تغيير أي ظلم إنساني لنمط إنساني متوافق مع حقوقه البشرية، وهو كذلك يمنح الفرد قيمة ذاته ويشجع الإنجاز الفردي، في وقت لا قيمة للفرد لدى الكارهين إلا على أنه جزء من قطيع.