حذر الناقد الدكتور محمد صالح الشنطي من وجود عدد كبير من المحسوبين على الأدب يلعبون دوراً خطراً، ويحاولون استمالة الجمهور نحو أدب ركيك يتمثل في تزييف والوعي والتضليل من خلال أحياء المسائل الخلافية وإدخال الفنون الغريبة والمسكوت عنه بدعوى الاكتشافات اللغوية والأدبية ومحاولة البروز من خلال طرح الشاذ والغريب في الأدب، وهو ما يهدد التوازن المجتمعي في تناول الأدب.
وقال الشنطي "عضو هيئة التدريس بكلية اللغة العربية بالجامعة الإسلامية" في محاضرة نظمتها الجامعة بالمدينة المنورة أول من أمس بعنوان "نصوص الأدب بين جماليات الفن وضرورات الحياة": إن اختلال الأدب وقصوره يحدث خللاً في إيقاع الحياة بشكل عام، مؤكداً على حاجة الأمة إلى أدباء وكتاب لا ينفصلون عن أدبهم يتناولون نبضه ويعكسون واقعه ويدلون بصوته لإحياء الحياة الأدبية في المجتمع.
وتعرض الشنطي في محاضرته لتعريف مصطلح الأدب ونصوصه والفرق بينهما، مبرراً تعيينه والتزامه بنصوصه إجمالاً، متحدثاً عن مكانة الأدب وأهدافه وأنه إدراك جوهري للكون والحياة والإنسان، يحدث نوعاً من التوازن الكوني ويدعو إلى حفظه، وهو إيقاع الحياة ونمطها، فكما أن اختلال الإيقاع داخل النص الأدبي يحدث خللاً وبتراً، كذا اختلال الأدب وقصوره يحدث خللاً في إيقاع الحياة بشكل عام.
ثم تحدث عن البواعث الإنسانية المنبثقة من واقع الحياة وأحداثها التي تطال الأديب فتدفعه إلى الإبداع وتنعكس على شعره وكتاباته، وهي ظاهرة تحدث عنها النقاد القدامى وأوردوها في كتبهم، وذكر أن الكتابة ممارسة أدبية إنسانية واعية، ولذا يمكن ربطها بواقع موجود ملموس، وهي نمط مختلف من القول وملكة وموهبة يدرك بها ما قد لا يدرك بغيره، وتحدث عن حاجة الأمة إلى أدباء وكتاب لا ينفصلون عن أدبهم يتناولون نبضها ويعكسون واقعها ويدلون بصوتها.
وتطرق الشنطي إلى العلاقة الوطيدة بين الحياة والأدب، وذكر أن من أبرزها، الأدب من شأنه أن ينمَّي الحياة، ويعيد إنتاج عوالم ووقائع جديدة يكشفها الأديب من خلال نصوصه وكتاباته، وإكمال الحياة مما يعتورها من نقص وقصور، وهي سمة إنسانية وسنة كونية إلهية، فهو يسعى إلى الكمال من خلال النصوص الأدبية، والترويح عن النفوس وإزاحة الملل عنها واسترواح شيء من المتعة، وهو بذلك يحقق هدفاً من أهدافها، مشيراً إلى أن الأدب ظاهرة اجتماعية وجزء من أجزاء هذه الحياة يصف ظواهرها وما يعتريها من كد ومشقة، وهو لون من ألوانها يطاله ما يطالها للوصول إلى غاياته المحمودة وأهدافها السامية، ذاكراً أن هذا العصر هو عصر التزييف، كما نبه على وجود كثير من الأدباء والكتاب ممن يلعبون دوراً بارزاً في تزييف وعي الإنسان وواقع مجتمعه في شتى المجالات، وهم بذلك إنما يخنقون نبضهم ويفسدون إيقاعهم ويلجؤون إلى جماليات مننوع الخطاب نفسه، تفسد أذواقنا وأفكارنا وتزيف وعينا، على حد تعبيره.