أصدر مجلس الوزراء الموقر قراره رقم 394 بتاريخ 15/10/1435 بشأن إجراءات إيصال التيار الكهربائي إلى المنازل التي لا يحمل أصحابها صكوكا شرعية، وفق الضوابط والتوجيهات التي أقرها المجلس، وفي ضوء ذلك يتوقع من جميع الأمانات والبلديات أن تعمل وفق ما جاء في هذا القرار من ضوابط، وأن تكون هناك إجراءات موحدة على مستوى أمانات وبلديات مناطق المملكة ومحافظاتها ومراكزها لكي يكون هناك توحيد للإجراءات والضوابط التي تحكم هذا المجال. وجاء هذا القرار ليسهل عملية إيصال التيار الكهربائي للمنازل، والتيسير على المواطنين وفق الضوابط المحددة، ويهدف أيضا إلى الحد من الإجراءات البيروقراطية التي تنتهجها بعض الجهات عند التقدم بطلب لإيصال خدمة التيار الكهربائي إلى لمنازل الجديدة التي لا يمتلك أصحابها وثائق شرعية عليها تبين ملكيتهم لها.

وقد اجتهدت أمانة منطقة عسير -ولكن اجتهادها قد لا يصيب- في تطوير استمارة طلب إيصال الخدمات إلى المساكن التي لا يمتلك أصحابها حجج استحكام عليها، وهذه الاستمارة جاءت مطولة جدا ومكونة من ثلاث صفحات، ومن يطلع عليها للمرة الأولى، يعتقد أنها استبانة طالب دراسات عليا تم تطويرها للحصول على درجة علمية، وقد اشتملت هذه الاستمارة على مجالات عدة بنوع من التفصيل، وفيما يلي عرض مجمل لهذه المجالات:

البيانات الشخصية لمقدم الطلب، وبيانات الموقع، وإقرار وتعهد من المتقدم، وإجراءات البلدية (تسعة حقول)، ومصادقة المختصين بالبلدية (ثلاث جهات)، وإجراءات شركة الكهرباء، ومصادقة المختصين بالكهرباء، وإجراءات الدفاع المدني، ومصادقة المختصين به، وإجراءات لجنة التعديات، ومصادقة المختصين بها، وإجراءات المحافظة أو المركز، ومصادقة المختصين بها، والتوصية بالموافقة أو عدمها، ومصادقة رئيس البلدية على التوصية، ولا يتوقف الأمر عند ذلك، بل جاء في الصفحة الثالثة المعلومات الشخصية لمقدم الطلب مرة أخرى، وبيانات الموقع، وكروكي موقع السكن، وإجراءات المكتب الهندسي فيما يتعلق بكروكي الموقع، ومصادقة إدارة المساحة بالبلدية عليه، ووفق إحصائية يسيرة فإن هذه الاستمارة بها 22 خانة للتوقيع من جهات مختلفة، وسبعة مواقع مخصصة للأختام الرسمية في الجهات الواردة ضمن حقول ومجالات الاستمارة!

وهناك أسئلة ومعلومات تضمنتها الاستمارة لا ضرورة لها وغير مطلوبة، ووجودها أدى إلى تطويل الاستمارة وتعقيدها، كما أن تعدد الجهات التي تشارك في استكمال هذا النموذج سيؤدي حتما إلى تأخير إنجاز الطلبات، وهذا يخالف أهداف قرار مجلس الوزراء المتعلق بهذا الشأن، فالهدف هو التيسير والتسهيل على المواطنين، ولكن هذه الاستمارة لا تحقق ذلك، بل تزيده تعقيدا عبر إجراءات غير ضرورية، ومن يحاول أن يستخدم هذه الاستمارة للحصول على التيار الكهربائي قد يطول انتظاره لاستكمال جميع خاناتها من الجهات المختلفة، وفي النهاية قد تكون هناك جهات تمتنع عن استكمال البنود الخاصة بها قبل أن تقوم جهات أخرى في الاستمارة نفسها باستكمال البيانات الخاصة بها والتصديق عليها، وبذلك يكون صاحب الطلب هو الضحية بين الجهات المختلفة، وبالتالي لن يتم استكمال هذه الاستمارة، ولن يحصل المواطن على خدمة التيار الكهربائي!

أعتقد أن ما ورد في استمارة أمانة عسير من معلومات وإجراءات يتطلب وقتا طويلا وجهدا مضنيا، وفي النهاية قد لا تكون هناك موافقة على بنودها كافة، مما يؤدي إلى حرمان المواطن من التيار الكهربائي، ومن يطلع على هذه الإجراءات واستمارتها قد يفضل التقدم بطلب حجة استحكام، بدلا من استكمال مجالاتها العديدة، ويبذل الجهد ويخصص الوقت اللازم للحصول على صك شرعي، بدلا من السعي وراء استكمال مجالات الاستمارة، وقد لا تتم الموافقة على الطلب نظرا إلى تعدد الجهات المشاركة في الحصول على الموافقة.

وفي ضوء حقول ومجالات استمارة أمانة عسير، فإن الذي يغامر ويستطيع أن يستكمل جميع مجالاتها من الجهات المتعددة؛ وينجح في الحصول على خدمة التيار يستحق منحة درجة الماجستير في المطالبات ومراجعة الهيئات والجهات الحكومية.