إذا كان السيد المسؤول في أمانات وبلديات المدن ما زال يشعر بالذنب تجاه ما يفعله المقاولون، وما يكشف عنه المطر، ويعترف بالقصور ويتوعد المتسببين في مشاكل الطرق والشوارع بعد كل "رشة مطر" فهذا أمر جيد، بل ممتاز، المشكلة أنه صار لدينا من يرى بأم عينه الشوارع المتكسرة والكباري المنهارة ثم يصرح للصحف: "إنها أمر طبيعي ولا يعني ذلك وجود خلل"!

مثل هذا المسؤول لا تملك إلا أن تشفق عليه، ولا يستحق أن تنتقده أو تنصحه.

وإذا كان انهيار كوبري بسبب المطر ليس خللا في عمل البشر، فهنا تعدت المسألة غياب الضمير إلى عدم وجوده أصلا، ولنحاول بدورنا أن نلصق التهمة في الكوبري الذي لم يتماسك جيدا حين دهمته السيول، وخر صريعا بسرعة، بسب الماء الجاري هداه الله، وكان من المفترض على الماء ألا يقترب من الكوبري المسكين و"يشوف له" طريق آخر يضمن بها مستقبل الكوبري والمقاول والمسؤول، وكي لا تكون فتنة.

من المفترض أن تكون مواسم المطر فرصة سانحة لإسقاط الرؤوس كما تتساقط أجزاء الكباري وتفتح الحفر، وكما يجر السيل السيارات والأشجار داخل المدن وفي شوارعنا الكبيرة المميزة، ومن الواقعي أن يجر المسؤول عن أعمال البلدية على وجهه ويسحب الماء كرسيه الوثير من مكتبه المطل على شارع يغرق ويرمي به خارج الإدارة أو الوزارة، فلا فضيحة أكبر من شوارع تغرقها ساعة أو ساعتين من المطر، وطرق تتكسر لأن الماء مر من فوقها، بعد أشهر من التخطيط والدراسة والعمل والتنفيذ والموازنات الضخمة، وآخر المطاف "كوبري طايح".