في تلمس للأثر الاقتصادي المرجو من المدينة الصناعية بمنطقة مكة المكرمة وما يشابهها من المدن الصناعية بالمملكة على السوق المحلي من ناحية انخفاض أسعار السلع المحلية نسبة للأجنبية، تسائل العديد من الخبراء الاقتصاديين عن الجدوى الاقتصادية لهذه المدن الصناعية وأسباب تأخر وبطء استكمال مراحلها السابقة، والذي انعكس على زيادة تكلفة المنتج المحلي في ظل غياب كثير من الخدمات والمرافق الحيوية بها.
وعن ذلك قال البروفيسور بجامعة الملك عبدالعزيز بجدة حبيب الله تركستاني في حديث إلى "الوطن": إن الأثر الاقتصادي والصناعي لهذه المدن غير موجود في السوق المحلي بمعنى أن السوق ما زال استهلاكي وليس إنتاجي فالمنتجات الخارجية تطغى على المنتج المحلي وهذه تحتاج إلى إعادة نظر في تقديم الحوافز التي تدفع لتشجيع رجال الأعمال بالدخول في مجال الصناعة بشكل أكبر".
وأشار إلى أن المدن الصناعية الجديدة لا بد لها من اكتمال كل مرافقها وبنيتها التحتية ومراعاة كل المواصفات في مثل هذه المدن حول العالم، ملمحا أن هناك فجوة كبيرة بين الطموحات المرحلية والمستقبلية وبين الواقع من بقاء كثير من مراحل إنشاء المدن الصناعية السابقة تحت الإنشاء أو عدم وجودها وهذه إحدى الإحباطات الكبيرة التي تحول دون النمو الصناعي بالشكل المرجو، لافتا إلى أن التكلفة للمنتج الخارجي تكون أقل سعرا بسبب التكاليف المضافة لأن العوامل الإنتاجية غير متواجدة بالشكل المناسب في هذه المدن ومايتعلق بمرافقها المهمة.
وحول الجدوى الاقتصادية من وجود هذه المدن وانعكاسها على مستوى القطاع الصناعي بالمملكة وعن العوائق والأخطاء التخطيطية، أوضح الخبير الاقتصادي عبدالعزيز الداغستاني، أن المدن الصناعية وفرت البنية التحتية الأولية لقيام الصناعات وبدونها لن يكون بالإمكان قيام أي صناعة، مشيرا أن أهم العوامل التي ساهمت في عدم نجاحها كمنظومة صناعية متكاملة تمثل أولا في موقعها وقربها من المدن والعامل الآخر أنه لم يأخذ بعين الاعتبار إمكانات التوسع للمصانع القائمة فهي طفيفة ومحدودة".
ورأى أن العامل الثالث تمثل في مايخص المستثمرين بأن صناعاتهم كان لابد أن تكون قيمتها المضافة أعلى وسبب ذلك أنها لم توظف الأيدي العاملة السعودية من البداية، قائلا: "كان من المفترض إن لم يكن هناك حس وطني من جهة بعض المستثمرين أن يكون هناك إلزام حكومي لتوظيف السعوديين بحدود معقولة لأن الصناعة كما هي استثمار في الإنتاج هي استثمار في الإنسان وهنا تكتمل المنظومة التنموية".