على اعتبار أن الإلهام مطلب أساس للإبداع، فأول ملهماته هي الأنثى وما تثيره في مجتمعها من تبديل للأحوال. هي تخرج آدم المثقف من دهاليز النظرة الضيقة والتفكير النمطي المؤطر بعرف المجتمع وثقافة العيب، بدلا عن الحرام إلى جنة محفوفة با?بداع، وهذا ما هو معترف به في المجتمعات السوية التي تعامل المرأة على أنها إنسان.
أما تلك القبائل التي تمتلك محراب الثقافة وقبلتها الأولى ومهبطها، فلا نساء فيها يظهرن سوى بين سطورهم وفي رواياتهم وأواخر لياليهم. يظهرن في أساطيرهم، وتظن أنهم صنعوا من المرأة آلهة في مجالسهم ومقاهيهم الثقافية. تظن أنك ستجد زوجة فلان تبارك له ا?نجازات، أو ابنة فلان تتهجى حروف والدها، وتتهيأ لترث عرش المجد الثقافي الذي صنعه لها!
ضاعت المرأة بين مفهوم التقدير والاحترام وصون جوهريتها، وحفظها من عبث الكائنات المفترسة المدعية الوعي والنظرة الواسعة، وبين حضور آدم الشرقي الذي يضرب بسوط القوامة وصوته المزمجر المرتفع، فلا حضور لها عندما يكون المثقف والمحسوب أكثر انفتاحا وارتباطا فكريا بمن يعي دور المرأة وحريتها. عندما يشترط حضورها لمجمع ثقافي مع ذي محرم أو لا حضور!
بعد هذا لا لوم على القابعين وراء المكاتب الذين "يبحلقون" فيها مليا حتى يتحقق من تفاصيلها ثم يقول: "لازم ولي أمر"! ذرعت الطريق المؤدية لحلمي أياما وشهورا لأصطدم بعبارة: "أحضري ولي أمرك"! هنا أؤمن أنها قرارات وأنظمة وأحترمها وأحتمل الحرمان من حلمي حتى لا أخرج عن القانون!
لكن من سن قانون غياب المرأة عن الفعل الثقافي وجعلها قابعة خلف أسوار الخوف من حضورها ?عتبارات اجتماعية نُسجت من وهنٍ وصدقت؟
أيتها الأمة الثقافية، ألم تكن المرأة إلى عهد أنتم تذكرونه جنبا إلى جنب معكم في الحقل، وفي السوق، وفي صف الخطوة، وفي مجلس الضيف ترحب به؟ ماذا طرأ لتكون ا?ن عورة؟ وحضورها يعدّ قنبلة تخافون أن تستخدم ضدكم لتمزيق كيانكم الهش؟
لماذا تغيبونها؟ أ?نكم تجدون أنفسكم غير قادرين على حمايتها من تفكيركم الذي لا يتجاوز أنها وجه وجسد؟ أ?نكم ترون أن غيابها فريضة تؤدونها طلبا لرضا المجتمع المشلول في اعتقاداته وفهمه لمعنى حرية المرأة؟
النساء خلقن ليمارسن حياتهن بشكلها الطبيعي السوي، بعيدا عن الاعتقاد السائد أن وجودها عائق لسير الحياة.
رفقا بهن، فما يردن سوى حقهن في الحضور بشكل طبيعي بعيدا عن الريبة والظنون وا?قصاء.